للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن السلام تحية الإسلام، فكان مشروعاً من قبل، فلما فوجئ بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اقتصر على رد سلام ابن مسعود إشارة، قال: «أخذني ما قرب وما بعد».

ثم لمَّا سلم عليه السلام طمأن ابن مسعود كأن لسان حاله -عليه السلام- يقول: لا تظن بأساً حينما اقتصرت أنا على رد السلام إشارةً، كل ما في الأمر أنه جَدَّ حُكْمٌ جديد، فقال عليه السلام: «إن الله يُحدِث في أمره هذا ما يشاء، وإن مما أحدث أن لا كلام في الصلاة».

فإذاً: لا تسليم، كما كان في أول الإسلام، وهذا الحديث في صدد بيان أن إلقاء السلام، ورد السلام هذا يسمى في لغة الشرع كلام.

وما دام أن الله حرم الكلام في الصلاة، إذاً حرم رد السلام باللفظ.

لكن لا بد من إشارة لطيفة إما إيماءً بالرأس أو إشارةً بالكف، لكن في الوقت نفسه حديث ابن مسعود هذا: «وإن الله قد أحدث: أن لا كلام في الصلاة»، هذا يعطينا: بأن الكلام كان في الصلاة مباحاً بأوسع من رد السلام.

وعندنا حديث عن معاذ: أن الصحابة كانوا في أول الإسلام، يدخل أحدهم المسجد يجد الصلاة قائمة، فيجلس جنب صاحبه، ويسأله: هذه أيُّ ركعة؟ فيقول له -مثلاً-: هذه الركعة الثانية، فيركع هو الركعة التي فاتته ويشارك الإمام في البقية.

حتى أتى يومًا معاذ بن جبل، فدخل المسجد والناس قيام في الصلاة، وقف في الصف وما سأل كالعادة، وسلم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقام هو وأتى بما قد فاته، فقال عليه الصلاة والسلام: «إن معاذاً قد سنَّ لكم سنة، فما أدركتم من الصلاة فصلوا، وما فاتكم فأتموا».

فقوله عليه السلام -في حديث ابن مسعود-: «وإن الله يحدث في أمره ما يشاء، وإن مما أحدث أن لا كلام في الصلاة».

<<  <  ج: ص:  >  >>