للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَذَكّر هذه الحقيقة، وتذكر معها أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، الذي جاء في بعض الأحاديث الصحيحة أن الله عز وجل وَكَل بكل إنسان قرينه من الجن، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ ! قال: «ولا أنا، ولكن الله أعانني عليه فَأَسْلَمَ» وفي رواية أو في ضبط «فأَسْلَمُ من شَرّه».

مع هذه الخصوصية التي خص الله بها نبيَّه - صلى الله عليه وسلم -، فقد رئى وهو قائم يصلي بأصحابه يوماً، فوجئ أصحابه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مَدَّ يده هكذا كأنه يقبض على شيء، لكن المصلين من خلفه لا يرون شيئاً.

فلما صلى عليه الصلاة والسلام سألوه على هذه الحركة التي ليس من عادته أن يأتيها في صلاته، فقال عليه الصلاة والسلام -وهنا الشاهد-: «إن شيطاناً هجم عَلَيَّ، وفي يده شُعْلة من نار، يريد أن يُفْسِد عليّ صلاتي، فأخذت عُنُقَه بيدي، وشددت عليه حتى وجدت بَرْد لعابه في يدي، ولولا دعوة أخي سليمان عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: ٣٥] لربطته بسارية من سواري المدينة، حتى يصبح الصبيان يلعبون به».

فإذا كان الشيطان هَمَّ بإفساد صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد البشر وهو المعصوم، ومن عصمته أن الله أعانه على شيطانه فأسلم كما سمعتم.

فإذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهذه منزلته عند ربه، هَمَّ الشيطان أن يُفْسِدَ عليه صلاته، والناس من خلفه لا يرون شيئاً من ذلك.

فإذاً: نحن يجب أن نتذكر هذه الحقيقة، حينما قال عليه السلام: «إذا صلى أحدكم فليصلِّ إلى سترة، لا يقطع الشيطان عليه صلاته».

لا تتصوروا أن هذا الشيطان المقصود به جنس أو نوع من البشر فقط، قد يكون هذا، وقد يكون من شياطين الجن كما رأيتم في الحديث الصحيح.

ثم جاء في حديث آخر، وهذا يجب الانتباه له أيضاً: «إذا صلى أحدكم فليدن من سترته».

<<  <  ج: ص:  >  >>