أحد إطلاقاً سيصير معك خض الماء وهي ماء، أو تضرب في حديد بارد، يذهب جهدك سدى، لا بد من التمهيد كما ذكرت لك آنفاً.
الإمام يطبق السنة ويدعو إليها بالتي هي أحسن، من السهل جداً أن الإمام ينقلب إلى واحد من الجماعة، هو في قلبه سني، لكن في عمله بدعي، ما هي الفائدة حينئذ إذا كنا نريد أن نساير الناس، وما جعل الناس اليوم في غفلة عن كثير من الواجبات، فضلاً عن السنن والمستحبات إلا مثل هذه المسايرة.
وبعد ذلك إذا كنت أنت ربنا عافاك وما كلفت، فإن استطعت أن تمشي سوياً على صراط مستقيم حينما تتطوع وتصلي بالناس إماماً فنعما أنت.
أما إذا كنت تريد أن تميل يميناً ويساراً عن السنة باسم مداراة الناس، وباسم انه إذا أتى غيرك سيفعل أسوء من فعلك، هذه ليست من السياسة الشرعية؛ لأن الله يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}[المائدة: ١٠٥] هذا المنطق الذي أنت تقوله الآن يتمسك به كل موظف مسلم مهما كانت وظيفته سيئة.
الموظف مثلاً الذي يعمل في البنك يقول لك: خليني أنا أكون موظف في البنك أحسن ما يأتي واحد نصراني يحل محلي، الصائغ الذي يبيع الذهب بالربا، ولا يعرف أحكام بيع الذهب والفضة كما جاء في الحديث الصحيح:«الذهب بالذهب يداً بيد مثلاً بمثل» لما بتذكره يقول لك: أنا أحسن ما يكون محلي نصراني أو أحسن ما تكون المهنة كلها بيد النصارى، وهكذا.
واحد عنده بنت يدخلها المدارس المختلطة لكي تتخرج طبيبة مثلاً أو غير طبيبة، فهو يعرف أنه يرميها في الخطر، فيقول لك: أحسن ما تطلع واحده فاسقة أو واحدة كافرة تعالج نساءنا وبناتنا، إذاً: خلينا نعلم بناتنا هذا العلم.
نحن نقول: نعم، لكن بشرط أن لا تكون بناتنا كبش الفداء، وهذه الأمثلة كلها تنطلق من قاعدة غير إسلامية، وهي والحمد لله من جهة معروفة أنها غير إسلامية،