للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصلى صلاة مكتوبة، فضم يده، فلما صلى؛ قالوا: يا رسول الله! أَحَدَثَ في الصلاة شيء؟ قال: «لا؛ إلا أن الشيطان أراد أن يمر بين يدي، فَخَنَقْتُه، حتى وجدت بَرْدَ لسانه على يدي».

وايم الله! لولا ما سبقني إليه أخي سليمان؛ لارْتُبِطَ إلى سارية من سواري المسجد، حتى يَطِيْفَ به وِلْدَانُ أهل المدينة، [فمن استطاع أن لا يحول بينه وبين القبلة أحد؛ فليفعل].

قال النووي في «شرح مسلم»: فيه دليل على أن الجن موجودون، وأنهم قد يراهم بعض الآدميين. وأما قول الله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيْلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} فمحمول على الغالب، فلو كانت رؤيتهم محالاً؛ لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما قال من رؤيته إياه، ومن أنه كان يربطه؛ لينظروا كلهم إليه، ويلعب به وِلْدانُ أهل المدينة.

قال القاضي: وقيل: إن رؤيتهم على خلقهم وصورهم الأصلية ممتنعة؛ لظاهر الآية، إلا للأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ومن خُرِقَتْ له العادة، وإنما يراهم بنو آدم في صور غير صورهم؛ كما جاء في الآثار.

قلت: هذه دعوى مجردة؛ فإن لم يصح لها مستند؛ فهي مردودة. اهـ. كلام النووي.

وهو من الأحاديث الكثيرة التي يكفر بها طائفة القاديانية؛ فإنهم لا يؤمنون بعالم الجن المذكور في القرآن والسنة، وطريقتهم في رد النصوص معروفة، فإن كانت من القرآن؛ حرفوا معانيها؛ كقوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ}.

قالوا: «أي: من الإنس»! فيجعلون لفظة: «الجن» مرادفة للفظة: «الإنس»؛ كـ «البشر»! فخرجوا بذلك عن اللغة والشرع، وإن كانت من السنة؛ فإن أمكنهم تحريفها بالتأويل الباطل؛ فعلوا، وإلا؛ فما أسهل حكمهم ببطلانها؛ ولو أجمع أئمة الحديث كلهم والأمة من ورائهم على صحتها؛ بل تواترها! هداهم الله}.

<<  <  ج: ص:  >  >>