وأما الرواية الأخرى: فهي رواية إسحاق بن منصور المروزي في «مسائله» عن أحمد وإسحاق.
قال: قلت - يعني: لأحمد -: ما يقطع الصلاة؟ قال: ما يقطعها إلا الكلب الأسود الذي لا أشك فيه، وفي قلبي من «الحمار والمرأة» شيء.
قال إسحاق: لا يقطع إلا الكلب الأسود.
قال أحمد: ومن الناس من يقول: إن قول عائشة حيث قالت: كنت أنام بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ... ليس بحجة على هذا الحديث - يعني: من قال: يقطع الصلاة المرأة، والحمار، والكلب -؛ لأن النائم غير المارِّ.
وقول ابن عباس في الحمار حيث مر بين يدي بعض الصف؛ ليس بحجة؛ لأن سترة الإمام سترةُ مَن خلفه. اهـ.
قلت: وحديث ابن عباس المشار إليه أخرجه الأئمة الستة وغيرهم عنه بلفظ: أقبلت راكباً على أتانٍ، وأنا يومئذٍ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار (١) فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت، وأرسلت الأتان ترتع، فدخلت في الصف، فلم ينكر ذلك عليَّ أحد.
والحديث - كما قال أحمد - لا حجة فيه؛ لأن الأتان لم تمرَّ بين يديه - صلى الله عليه وسلم -، وقد قال ابن عبد البر - كما في «الفتح»«١/ ٤٥٤» -: «حديث ابن عباس هذا يخص حديث أبي سعيد: «إذا كان أحدكم يصلي؛ فلا يدع أحداً يمر بين يديه». فان ذلك مخصوص بالإمام والمنفرد، وأما المأموم؛ فلا يضره من مر بين يديه؛ لحديث ابن عباس هذا».
قال: وهذا كله لا خلاف فيه بين العلماء. اهـ.
وأما حديث الفضل بن عباس قال: زار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَبَّاسَاً في بادية لنا، ولنا كُلَيْبَةٌ، وحمارة ترعى، فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - العصر، وهما بين يديه؛ فلم يُزْجَرا ولم يُؤَخَّرا.
(١) أعل الشيخ رحمه الله تعالى قوله: «إلى غير جدار» بالشذوذ في «الضعيفة» «٥٨١٤».