اضطرب في رواية هذا الحديث فمرة أوقف قوله فيه:«إن الصلاة لا يقطعها شيء» ولم يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في رواية الكتاب ومرة رفعها إليه - صلى الله عليه وسلم - كما في رواية أخرى لأبي داود ولذلك ضعف الحديث ابن حزم والنووي.
ويؤيد ضعف هذه الجملة منه مرفوعة وموقوفة أن قصة أبي سعيد مع الشاب في «الصحيحين» من طريق أخرى عن أبي سعيد دون هذه الجملة فثبت أنها منكرة في هذا الحديث.
نعم رويت هذه الجملة من طرق أخرى عن بعض الصحابة ولكنها كلها ضعيفة خلافا لبعض المحدثين المعاصرين وقد بينت ذلك في «ضعيف سنن أبي داود» رقم ١١٦ و ١١٧ وفي «الضعيفة» ٥٦٦١.
وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - ما يخالف هذه الأحاديث الضعيفة وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «يقطع صلاة الرجل - إذا لم يكن بين يديه قيد آخرة الرحل - الحمار والكلب الأسود والمرأة».
أخرجه مسلم وغيره من حديث أبي ذر وهو في كتابي «صحيح سنن أبي داود» رقم ٦٩٩. ولو أن تلك الأحاديث صحت لأمكن التوفيق بينها وبين هذا.
الحديث الصحيح بصورة لا يبقى معها وجه للتعارض أو دعوى النسخ وذلك بأن يقيد عموم تلك الأحاديث بمفهوم هذا فنقول:«لا يقطع الصلاة شيء إذا كان بين يديه سترة وإلا قطعها المذكورات فيه» بل إن هذا الجمع قد جاء منصوصا عليه في رواية عن أبي ذر مرفوعا بلفظ: «لا يقطع الصلاة شيء إذا كان بين يديه كآخر الرحل وقال: يقطع الصلاة المرأة ... ».
أخرجه الطحاوي بسند صحيح.
وبهذا اتفقت الأحاديث ووجب القول بأن الصلاة يقطعها الأشياء المذكورة عند عدم السترة. وهو مذهب إمام السنة أحمد بن حنبل رحمه الله وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وقد قال في خاتمة بحث له في هذه المسألة: