للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: ولا تصلوا إليها: أي: مستقبلين إليها. لما فيه من التعظيم البالغ؛ لأنه من مرتبة المعبود، فجمع بين النهي عن الاستخفاف بالتعظيم، والتعظيم البليغ. كذا في «الفيض» للمناوي. ثم قال في موضع آخر: «فإن ذلك مكروه. فإن قصد إنسان التبرك بالصلاة في تلك البقعة؛ فقد ابتدع في الدين ما لم يأذن به الله، والمراد كراهة التنزيه».

قال النووي: «كذا قال أصحابنا. ولو قيل بتحريمه - لظاهره - لم يبعد، ويؤخذ من الحديث النهي عن الصلاة في المقبرة؛ فهي مكروهة كراهة تحريم». اهـ. وفي «الأم» «١/ ٢٤٦»: «وأكره أن يُبنى على القبر مسجد، وأن يُسَوَّى، أو يصلى عليه وهو غير مسوى، أو يصلى إليه».

قال: وإن صلى إليه؛ أجزأه، وقد أساء، أخبرنا مالك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قاتل الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».

قال: «وأكره هذا للسُّنة والآثار، وأنه كره - والله تعالى أعلم - أن يعظم أحد من المسلمين - يعني: يتخذ - قبره مسجداً، ولم تؤمن في ذلك الفتنة والضلال على من يأتي بعد». انتهى.

والحديث الذي ذكره عن مالك مُعضَلاً حديث صحيح جداً؛ جاء في «الصحيحين» وغيرهما عن جمع من الصحابة؛ منهم: عائشة، وابن عباس، وأبو هريرة، وزيد بن ثابت، وأبو عبيدة بن الجراح، وأسامة بن زيد.

وفي الباب عن: عائشة أيضاً، وجندب بن عبد الله البجلي، وابن مسعود، وأبي سعيد الخدري، وعطاء بن يسار مرسلاً.

وقد خرجتُ أحاديثهم، وسقت ألفاظهم في «التعليقات الجياد»، وبينت فيه ما يستفاد منها من المسائل المهمة التي غفل عنها أكثر المسلمين؛ فوقعوا في الغلو في الأولياء والصالحين، وتعظيمهم تعظيماً خارجاً عن حدود الشرع والدين، وقد قال ابن حجر الهيتمي الفقيه في «الزواجر عن اقتراف الكبائر» «ص ١٢١»: «قال بعض الحنابلة: قَصْدُ الرجل الصلاةَ عند القبر متبركاً بها عَيْنُ المحاداة لله ولرسوله،

<<  <  ج: ص:  >  >>