فإذاً: راوي الحديث يَفْهَم من الحديث أنه لا يزال على عمومه وشموله للنهي عن استقبال القبلة ببول أو غائط، ولو في البنيان؛ لأن الكُنُف تكون في البنيان في البيوت، ولذا قال:«فنحن نستغفر الله» هذا ثانياً.
وثالثاً وأخيراً: من حيث الرواية قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«من بصق تجاه القبلة جاء يوم القيامة وبَصْقه أو بزقه بين عينيه».
مداخلة: أثناء الصلاة يا شيخ؟
الشيخ: نعم.
مداخلة: أثناء الصلاة وإلا أي وقت؟
الشيخ: سامحك الله اسمع الحديث: «من بصق تجاه القبلة» ذكر لك الصلاة؟ ! «من بصق تجاه القبلة جاء يوم القيامة وبصقه» بالصاد أو بالزاي لغتان، «جاء بصقه» أو «بزقه بين عينيه».
وإذا كان معلوم لدى الجميع أن البصاق طاهر، وليس كالبول والغائط نجساً كل ما فيه أنه مُسْتَقْذَر طبعاً مع ذلك نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهياً عاماً المسلم أن يبصق تجاه القبلة، فمن باب أولى أن ينهى عن توجيه البول والغائط إلى القبلة؛ لأنهما نجسان، هذا من حيث الرواية.
أخيراً: من حيث الدراية: ما الفرق يا جماعة يا أيها المسلمون والعلماء قديماً وحديثاً الذين يذهبون إلى تخصيص هذا النص العام: «ولكن شرقوا أو غربوا» بمثل هذه الحوادث العينية التي لا تدل أنها مقصودة بالذات، ونهمل هذه الأدلة من قوله عليه السلام.
نقول من باب الدراية: ما الفرق بين صلاة المصلي في الصحراء أو صلاة المصلي في البنيان؟ أليس معنى هذا أنه سواءً صلى في الصحراء أو في البنيان فهو يُعَظِّم حرمة البيت الحرام والمسجد الحرام، فالحُرْمَة هي ليست قائمة في الصحراء دون البنيان، هي قائمة في كل مكان سواءً كان عراءً أو كان محاطاً بجدران.