للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فـ «المعطن» موضع خاص لبروك الجمل وعليه ف «المبرك» أعم قال ابن حزم: «وكل عطن فهو مبرك وليس كل مبرك عطنا لأن العطن هو الموضع الذي تناخ فيه عند ورودها الماء فقط والمبرك أعم لأنه الموضع المتخذ لبروكها على كل حال».

والحديثان وما في معناها يدلان على تحريم الصلاة في مبارك الإبل وهو مذهب ابن حزم وروى عن أحمد أنه قال: «من صلى في عطن إبل أعاد أبدا».

وسئل مالك عمن لم يجد إلا عطن إبل قال: «لا يصلي فيه» قيل: فإن بسط عليه ثوبا؟ قال: «لا أيضا».

وقال الترمذي بعد أن ساق حديث أبي هريرة: «وعليه العمل عند أصحابنا وبه يقول أحمد وإسحاق».

قال الشوكاني: «وذهب الجمهور إلى حمل النهي على الكراهة مع عدم النجاسة وعلى التحريم مع وجودها، وهذا إنما يتم على القول بأن علة النهي هي النجاسة وذلك متوقف على نجاسة أبوال الإبل وأزبالها وقد عرفت ما قدمنا فيه، ولو سملنا أن النجاسة فيه لم يصح جعلها علة لأن العلة لو كانت النجاسة لما افترق الحال بين أعطانها وبين مرابض الغنم إذ لا قائل بالفرق بين أرواث كل من الجنسين وأبوالها كما قال العراقي، وأيضا قد قيل: إن حكمه النهي ما فيها من النفور فربما نفرت وهو في الصلاة فتؤدي إلى قطعها أو أذى يحصل له منها أو تشوش الخاطر الملهي عن الخشوع في الصلاة، وبهذا علل النهي أصحاب الشافعي وأصحاب مالك وعلى هذا فيفرق بين كون الإبل في معاطنها وبين غيبتها عنها إذ يؤمن نفورها حينئذ، ويرشد إلى صحة هذا حديث ابن مغفل عند أحمد بإسناد صحيح بلفظ: «لا تصلوا في أعطان الإبل فإنها خلقت من الجن ألا ترون إلى عيونها وهيئتها إذا نفرت».

قلت: ويعكر هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي إلى البعير كما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى فهذا يدل على أن النهي ليس هو لاحتمال النفور لأن هذا محتمل أيضا في هذه الصورة الجائزة اتفاقا، ولذلك فإني أرى أن النهي إنما هو بخصوص المكان المعطن والمبرك - سواء كانت فيه إبل أو لا - وقت الصلاة. وكلام ابن حزم يدل

<<  <  ج: ص:  >  >>