قال ابن القيم في «إغاثة اللهفان»: «ومن ذلك أن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة حيث كان وفي أي مكان اتفق سوى ما نهى عنه» قال: «وكان يصلي في مرابض الغنم وأمر بذلك ولم يشترط حائلا. قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إباحة الصلاة في مرابض الغنم إلا الشافعي فإنه قال: أكره ذلك إلا إذا كان سليما من أبعارها».
ثم ذكر ابن القيم حديث أبي هريرة وابن مغفل وأشار إلى بعض ما أشرنا إليه ثم قال:«فأين هذا الهدي من فعل من لا يصلي إلا على سجادة تفرش فوق البساط فوق الحصير ويضع عليها المنديل ولا يمشي على الحصير ولا على البساط بلى يمشي عليها نقرا كالعصفور؟ فما أحق هؤلاء بقول ابن مسعود: لأنتم أهدى من أصحاب محمد أو أنتم على شعبة من ضلالة» ا. هـ باختصار.
واعلم أن الأمر بالصلاة في مرابض الغنم في هذه الأحاديث إنما هو للإباحة لا للوجوب. قال العراقي:«اتفاقا وإنما نبه - صلى الله عليه وسلم - على ذلك لئلا يظن أن حكمها حكم الإبل أو أنه أخرج على جواب السائل حين سأله عن الأمرين فأجاب في الإبل بالمنع وفي الغنم بالإذن وأما الترغيب المذكور في الأحاديث بلفظ: «فإنها بركة» فهو إنما ذكر لقصد تبعيدها عن حكم الإبل كما وصف أصحاب الإبل بالغلظ والقسوة ووصف أصحاب الغنم بالسكينة» ذكره الشوكاني.
وإنما قلنا بجواز الصلاة في غير المواضع التي سبق ذكرها لعدم ورود النهي عنها أو لعدم صحته كالصلاة في قارعة الطريق وفوق ظهر الكعبة وفي بطن الوادي ونحوها ولعموم قوله عليه الصلاة والسلام:«فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل حيث أدركتها» فهذا عام يجب التمسك به في كل مكان إلا ما خص منه مما سبق ذكره. وبالله تعالى التوفيق.