للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك ذهب الجمهور إلى جواز الصلاة في البيت الفرض والنفل وبه قال أبو حنيفة والثوري وجمهور العلماء كما قال النووي في «المجموع» وقال الترمذي: «حديث بلال حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أكثر أهل العلم لا يرون بالصلاة في الكعبة بأسا، وقال مالك بن أنس: لا بأس بالصلاة النافلة في الكعبة وكره أن تصلى المكتوبة في الكعبة، وقال الشافعي: لا بأس أن تصلى المكتوبة والتطوع في الكعبة لأن حكم النافلة والمكتوبة في الطهارة والقبلة سواء».

وهذا الذي قاله الشافعي هو الحق إن شاء الله تعالى لأن الحديث وإن كان قد ورد في النافلة فالظاهر أن الفريضة مثلها في هذا الجواز لاستواء أحكام النوافل مع أحكام الفرائض وجوبا وتحريما وإباحة إلا ما استثناه الشارع ولا استثناء هنا.

ولوضوح هذا الذي قاله الشافعي ذهب إليه ابن حزم وهو من هو في ظاهريته فقد قال: في «المحلى» ردا على أتباع مالك ما نصه:

«ما قال أحد قط: إن صلاته المذكورة - صلى الله عليه وسلم - كانت إلى غير القبلة وقد نص عليه الصلاة والسلام على أن الأرض كلها مسجد وباطن الكعبة أطيب الأرض وأفضلها فهي أفضل المساجد وأولاها بصلاة الفرض والنافلة، ولا يجوز لغير الراكب أو الخائف أو المريض أن يصلي نافلة إلى غير القبلة والتفريق بين الفرض والنافلة بلا قرآن ولا سنة ولا إجماع خطأ. وبالله تعالى التوفيق».

ومع وضوح هذا وظهوره فقد خالف فيه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث اختار ما ذهب إليه مالك رحمه الله فقال في «الاختيارات»:

«ولا تصح الفريضة في الكعبة بل النافلة وهو ظاهر مذهب أحمد، وأما صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في البيت فإنها كانت تطوعا فلا يلحق الفرض لأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى داخل البيت ركعتين ثم قال: هذه القبلة. فيشبه - والله أعلم - أن يكون ذكره لهذا الكلام في عقيب الصلاة خارج البيت بيانا لأن القبلة المأمور باستقبالها هي البنية كلها لئلا يتوهم متوهم أن استقبال بعضها كان في الفرض لأجل أنه صلى التطوع في البيت، وإلا فقد علم الناس كلهم أن الكعبة في الجملة هي القبلة فلا بد لهذا الكلام من

<<  <  ج: ص:  >  >>