وقال الأزهري: في أعراض البحرين قرية يقال لها: قَطَر، وأحسب الثياب القِطْرِيَّةَ نسبت إليها، فكسروا القاف للنسبة، وخففوا. كذا في «النهاية».
وقال العسقلاني:«ثياب من غلِيظ القطن ونحوه». نقله القاري في «شرح الشمائل».
قال الخطابي:«يريد أنه لا يتزر به في وسطه ويشد طرفيه على حَقويْه؛ ولكن يتزر به، ويرفع طرفيه؛ فيخالف بينهما، ويشده على عاتقه؛ فيكون بمنزلة الإزار والرداء».
قال الشيخ علي القاري «١/ ٤٧٩»: «والحكمة في ذلك أن لا يخلو العاتق من شيء؛ لأنه أقرب إلى الأدب، وأنسب إلى الحياء من الرب، وأكمل في أخذ الزينة عند المطلب. والله أعلم».
وظاهر النهي في هذه الرواية يفيد التحريم؛ كما أن ظاهر الرواية الأولى يفيد الوجوب. وقد ذهب إلى ذلك جماعة من السلف، ومنهم الإمام أحمد رضي الله عنه، والمشهور عنه: أنه لو صلى مكشوف العاتق مع القدرة على السترة؛ لم تصح صلاته.
فجعله شرطاً. وهو مذهب ابن حزم في «المحلى»«٤/ ٧٠».
وفي رواية أخرى عن الإمام أحمد: أنه تصح صلاته، ولكن يأثم بتركه.
وذهب الجمهور - مالك، وأبو حنيفة، والشافعي، وغيرهم - إلى أن النهي للتنزيه، والأمر للاستحباب؛ فلو صلى في ثوب واحد ساتراً لعورته، ليس على عاتقه منه شيء؛ صحت صلاته مع الكراهة، سواء قدر على شيء يجعله على عاتقه أم لا.
قال النووي في «شرح مسلم»: «وحجة الجمهور قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فإن كان واسعاً؛ فالتحِفْ به، وإن كان ضيقاً؛ فاتَّزِرْ به».
قلت: لست أدري ما وجه الاحتجاج بهذا الحديث على عدم الوجوب؛ بينما هو واضح الدلالة لمذهب أحمد وغيره، وهو التفريق بين الثوب الواسع - فيجب الالتحاف به -، وبين الضيِّق - فلا يجب -، فكما أنه أمر بالائتزار به إن كان ضيقاً - وذلك واجب -؛ فكذلك أمر بالالتحاف به إذا كان واسعاً؛ فهو واجب.