للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

».

وقال النووي: ومعنى الحديث: أن الثوبين لا يقدر عليهما كل واحد، فلو وجبا؛ لعجز من لا يقدر عليهما عن الصلاة، وفي ذلك حرج، وقد قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.

وأما صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة رضي الله عنهم في ثوب واحد؛ ففي وقت كان لعدم ثوب آخر، وفي وقت -كان مع وجوده- لبيان الجواز؛ كما قال جابر: ليراني الجهال.

وإلا؛ فالثوبان أفضل؛ لما سبق. انتهى.

وقال أبو زرعة في «طرح التثريب» «٢/ ٢٣٩»: «واستُدل به على أن الصلاة في ثوبين أفضل لمن قدر على ذلك؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أشار إلى أن المعنى في ذلك ضِيْقُ الحال، وعجز بعض الناس عن ثوبين؛ فدلَّ على أن الأكمل ثوبان؛ ولهذا قال عمر رضي الله عنه: إذا وسع الله عليكم؛ فأوسعوا. ولا خلاف في ذلك - كما صرح به القاضي عياض وغيره -».

«فائدة»: قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على «الترمذي» «٢/ ١٦٨ - ١٦٩» - بعد ذكر هذا الحديث، وحديث جابر المتقدم -: «وقد فرَّع الفقهاء هنا فروعاً كثيرة، وتجد العلماء ينكرون على من يصلي في بعض ثيابه ويدع بعضها، وخصوصاً من يصلي مكشوف الرأس؛ يزعمون الكراهة! ولا دليل لهم على هذا. ومن البديهي أن من يصلي في ثوب واحد - يشتمل به أو يتزر -؛ لا يكون على رأسه عمامة، ولم يرد أي حديث - فيما نعلم - يدل على كراهة الصلاة مكشوف الرأس».

قلت: ذكر الشعراني في «كشف الغمة» «١/ ٧٠»: وكان - صلى الله عليه وسلم - يأمر بستر الرأس في الصلاة بالعمامة أو القلنسوة، وينهى عن كشف الرأس في الصلاة، ويقول: «إذا أتيتم المساجد؛ فأتوها معصّبين». والعصابة هي: العمامة. اهـ.

وهذه أخبار غريبة لم نجد لها أصلاً في شيء من الكتب التي عندنا! وكتاب الشعراني هذا مليء بمثل هذه الأخبار الغريبة، وبالأحاديث الضعيفة الواهية؛ فقد جمع فيه ما صح وما لم يصح عنه - صلى الله عليه وسلم - من الأقوال والأفعال في سيرته - صلى الله عليه وسلم -! لكن ما ذهب إليه الشيخ أحمد شاكر من نفي كراهة كشف الرأس في الصلاة، واستدلاله

<<  <  ج: ص:  >  >>