أما إذا كان يعلم وصدر منه، كما نرى من بعض الناس يلبسون قمصان قصيرة، وحينما يركع أو يسجد تنكشف شيء من دبره، من عورته، فهذا ينبغي أن يُؤْمر بإعادة الصلاة؛ لأنه متهاون.
أما ما جاء في ضمن السؤال: هل هو فرض أم هو شرط؟ فالحقيقة أن المسألة فيها خلاف، والفقهاء .. فقهاء المذاهب الأربعة وغيرهم يرون أن ستر العورة من شروط صحة الصلاة، لكن بعض المتأخرين: كالشوكاني وصديق حسن خان وغيرهما يرون أنه فرض وليس بشرط، وقلبي أمْيَل إلى قول الأئمة لسببين اثنين:
السبب الأول: أن الأمر بستر العورة في الصلاة كأنه خاص ومن آداب الصلاة التي تتعلق بها لخصوصها.
هناك قوله عليه السلام:«لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» وتصريح الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بأن صلاة المرأة لا تصح حاسرة الرأس فيه إشارة إلى أن الصلاة يُشترط فيها ستر العورة؛ لأننا نعلم أن النساء شقائق الرجال، وأن أي حكم يصح أو يتعلق بالرجال فمثله يتعلق بالنساء إلا ما استُثْني، وبالعكس.
كذلك إذا جاء حكم خاص بالنساء وبمثل هذا المكان الرأس وليس العورة الكبرى فيقول:«لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» ففيه إشعار إلى أن ستر العورة بعامة، كستر الرأس الذي هو جزء من العورة بالنسبة للمرأة، ثم يندعم هذا الاستنباط بحديث في صحيح البخاري:«لا يصلين أحدكم وليس على عاتقيه من ثوبه شيء» العاتقان من الرجل باتفاق العلماء ليس عورة، فإذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يأمر الرجل بأن يستر في صلاته أدباً مع ربه ما ليس بعورة فمن باب أولى أن يأمره بستر ما هو عورة؛ ولذلك فالاقتصار فقط على القول بأن ستر العورة فرض وليس بشرط فيه إهمال لمثل هذا النص ولمثل ذلك الاستنباط.