الأول: أن الأخذ بالأحوط ليس بالأمر الواجب وإنما هو من باب الورع وليس كل مكلف يرغب أن يكرن ورعا كما لا يخفى.
الثاني: أن المؤلف قيد ذلك بالصلاة فمفهومه أن ذلك ليس من الأحوط خارج الصلاة وفيه ما سيأتي بيانه.
الثالث: أن الاختيار الذي أشار إليه ينبغي أن يكون قائما على قواعد علم أصول الفقه لكي لا يكون الاختيار كيفيا تابعا للعادات والأهواء.
ومن الواضح لدى كل ناظر في الأدلة التي ساقها المؤلف أن أدلة القائلين بأن الفخذ ليس بعورة فعلية من جهة ومبيحة من جهة أخرى وأدلة القائلين بأنه عورة قولية من جهة وحاظرة من جهة أخرى
ومن القواعد الأصولية التي تساعد على الترجيح بين الأدلة والاختيار بعيدا عن الهوى والغرض قاعدتان:
الأولى: الحاظر مقدم على المبيح.
والأخرى: القول مقدم على الفعل لاحتمال الخصرصية وغيرها مع أن الفعل في بعض الأدلة المشار إليها لا يظهر فيها أنه كان مقصودا متعمدا كحديث أنس وأثر أبي بكر. أضعف إلى ذلك أنها وقائع أعيان لا عموم لها بخلاف الأدلة القولية فهي شريعة عامة وعليها جرى عمل المسلمين سلفا وخلفا بحيث لا نعلم أن أحدا منهم كان يمشي أو يجلس كاشفا عن فخذيه كما يفعل بعض الكفار اليوم ومن يقلدهم من المسلمين الذين يلبسون البنطلون الذي يسمونه بالشورت وهو التبان في اللغة.
ولهذا فلا ينبغي التردد في كون الفخذ عورة ترجيحا للأدلة القولية فلا جرم أن ذهب إليه أكثر العلماء وجزم به الشوكاني في «نيل الأوطار» ٢/ ٥٢ - ٥٣ و «السيل الجرار» ١/ ١٦٠ - ١٦١.