ثلاثة أحجار». رواه مسلم وغيره. فلو صح قوله في هذا الحديث:«ومن استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج»، وجب تأويله بما ذكره البيهقي، ولكني أقول: لا حاجة بنا إلى مثل هذا التأويل بعدما تبين لنا ضعفه وتفرد ذاك المجهول به. وإذا عرفت هذا، فلا تغتر بقول النووي في «المجموع»«٢/ ٥٥»: هذا حديث حسن! ولا بقول الحافظ نفسه في «الفتح»«١/ ٢٠٦»:
إسناده حسن، ولا بما نقله الصنعاني في «سبل السلام» عن «البدر المنير أنه قال: حديث صحيح، صححه جماعة، منهم ابن حبان والحاكم والنووي. لا تغتر بأقوال هؤلاء الأفاضل هنا جميعا، فإنهم ما أمعنوا النظر في سند الحديث، بل لعل جمهورهم اغتروا بسكوت أبي داود عنه، وإلا فقل لي بربك كيف يتفق تحسينه مع تلك الجهالة التي صرح بها من سبق ذكره من النقاد: الذهبي والعسقلاني والخزرجي؟ بل كيف يتمشى تصريح ابن حجر بذلك مع تصريحه بحسن إسناده لولا الوهم، أو المتابعة للغير بدون النظر في الإسناد؟ ! ومن ذلك قول مؤلف «معارف السنن شرح سنن الترمذي ١/ ١١٥»: وهو حديث صحيح رجاله ثقات كما قال البدر العيني. فإن هذا التصحيح، إنما هو قائم على أن رجاله ثقات، وقد تقدم أن أحدهم وهو حصين الحبراني لم يوثقه غير ابن حبان، وأنه لا يعتد بتوثيقه عند تفرده به، لا سيما مع عدم التفات أولئك النقاد إليه وتصريحهم بتساهل من وثقه. فمن الغرائب والابتعاد عن الإنصاف العلمي التشبث بهذا الحديث الضعيف المخير بين الإيتار وعدمه لرد ما دل عليه حديث سلمان وغيره مما سبق الإشارة إليه من عدم إجزاء أقل من ثلاثة أحجار، مع إمكان التوفيق بينهما بحمل هذا لو صح على إيتار بعد الثلاثة كما تقدم، وأما قول ابن التركماني ردا لهذا الحمل: لو صح ذلك لزم منه أن يكون الوتر بعد الثلاث مستحبا أمره عليه السلام به على مقتضى هذا الدليل، وعندهم لو حصل النقاء بعد الثلاث فالزيادة عليها ليست مستحبة، بل هي بدعة. فجوابنا عليه: نعم