للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر وهو ستر المنكبين أيضا وهذا لحق الصلاة وحرمتها لا لأنها من العورة واستدل لذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء» وبأحاديث أخرى «ص ١٢ - ١٣». وهذه مسألة هامة طالما غفل عنها جماهير المصلين الذين يصلون في قميص «الشيال» الذي لا يستر المنكبين إلا خطا دقيقا منهما غافلين عن قول الله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}. وما أحسن ما ذكر المؤلف «ص ١٧» «إن ابن عمر رضي الله عنه قال لغلامه نافع لما رآه يصلي حاسر الرأس: أرأيت لو خرجت إلى الناس كنت تخرج هكذا؟ قال: لا قال: فالله أحق من يتجمل له» والجملة الأخيرة قد جاءت مرفوعة في بعض الطرق عن ابن عمر ولفظها في رواية للبيهقي «إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه فإن الله أحق من تزين له» (١).

وسبب الغفلة المذكورة عن هذا الأدب الواجب في الصلاة يعود في رأيي إلى أمرين:

الأول: ظن الكثيرين أن الواجب من اللباس في الصلاة إنما هو ما ستر العورة فقط. وهذا الحصر مع أنه مما لا دليل عليه مطلقا فهو مخالفة صريحة للنصوص المتقدمة ولا سيما الحديث الأول فإنه يدل على بطلان الصلاة إذا لم يكن على عاتقيه من ثوب شيء. وهو مذهب الحنابلة وهو الحق الذي لا ريب فيه.

والآخر: جمودهم على التقليد الأعمى فقد يقرؤون أو يسمعون بتلك النصوص ولكنهم يتأثرون بها ولا يتخذونها لهم مذهبا لأن المذهب الذي نشأوا عليه يحول بينهم وبين الاهتداء بها ولذلك فالسنة في جانب وهم في جانب كما هو شأنهم في هذه المسألة إلا من عصم الله وقليل ما هم فجزى الله شيخ الإسلام خيرا الذي نهد لهم السبيل في هذه الرسالة المباركة ليتعرفوا على كثير من الحقائق التي غفلوا عنها ومنها هذه. ومن ذلك أنه إذ كان لا يجوز له أن يصلي مكشوف الفخذين سواء قيل: هما عورة أولا؟ «ص ١٦» وهذا من فقهه الدقيق رحمه الله تعالى.


(١) انظر «صحيح أبي داود» «٦٤٥». [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>