الرواية المرسلة لفظها يدل على أنها رواية مستقلة عن الرواية المرفوعة لأنها مختصرة جدا.
والظاهر أن أبا الجوزاء كان إذا روى الحديث مرفوعا رواه بتمامه في سبب نزول الآية وإذا ذكر الآية مفسرا لها رواه مختصرا غير رافعه ولا مسنده إلى ابن عباس وإن كان هو في الأصل قد أخذه عنه. فظهر بهذا أن الرواية المرسلة لا تعل الرواية الموصولة. والله أعلم.
وأما قول الحافظ ابن كثير في «تفسيره»: «وهذا الحديث فيه نكارة شديدة» فغير مسلم لأن ذلك البعض الذي كان ينظر من تحت إبطه جاز أن يكون من المنافقين أو من جهلة الأعراب وهذا واضح لا يخفى فلا نكارة ولا إشكال ولذلك لم نر أحدا ممن خرج الحديث أو ذكره وصفه بالنكارة الشديدة حتى ولا الحافظ الذهبي المعروف بنقده الدقيق للمتون بل صححه كما علمت وهو الذي يقول فيه ابن كثير في «تاريخه» وقد ذكر وفاته .. :
«وقد ختم به شيوخ الحديث وحفاظه رحمه الله».
والحديث دليل على أن النساء كن يصلين وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - مكشوفات الوجوه ويشهد لذلك حديث عائشة رضي الله عنها: كن نساء المؤمنات يشهدن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغلس.
أخرجه الشيخان وغيرهما وقد مضى في المواقيت رقم «٥» من الفجر. فإن مفهومه أنهن يعرفن لو لم يكن الغلس ولا يعرفن عادة إلا من الوجوه.
ففيه دليل على أن وجه المرأة ليس بعورة في الصلاة وهو إجماع كما يفيده كلام ابن جرير السابق في تفسير الآية وإذا كان الأمر كذلك فوجهها ليس بعورة خارجها من باب أولى لأن العلماء متفقون على أن الصلاة يطلب فيها ما لا يطلب خارجها فإذا ثبت في الشرع جواز أمر ما داخلها كان ذلك دليلا على جوازه خارجها كما لا