للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل هذا المنطق ليس غريبا أن يصدر من بعض المبتدعة، وبخاصة ذاك الغُمَاري الذي له كُتَيِّب صغير، فيه رسالة أظن سَمَّاها «كشف الالتباس عن الصلاة حاسر الرأس» رسالة صغيرة جداً يَرُد فيه على بعض الشباب المتعلم كما يقول هو: أنهم قالوا له أن من الأدب أن يصلي المسلم ساتر الرأس، وضرب للشيخ مثلا أن أحدنا إذا أراد أن يقابل بعض هؤلاء الرؤساء، فهل يدخل عليه حاسر الرأس أم يتأدب ويتزين بأحسن زينة.

كان جواب الرجل بأن هذه المسألة تختلف باختلاف العادات، ففي بعض البلاد من الأدب ستر الرأس، وفي بعض البلاد حسر الرأس.

فإذًا: القضية ليس لها نظام راتب، وإنما هو حسب العادة: هكذا يقول، هو ثم ذكر أن الذين يذهبون إلى أن من الأدب حَسْر الرأس، يحتجون بالحديث السابق حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في السفر والقلنسوة بين يديه، فلو كان يقول من الأدب الستر ما حسر، وتغاضى عن بيان الضعف الشديد أو يجهل- والله أعلم بنيته- أن فيه هذا الضعف الشديد الذي لا يسوغ أن يذكر بغير بيان هذا الضعف، ثم لا يكتفي بذلك فيذكر ذلك القياس العجيب الغريب أنه لو كان من الأدب ستر الرأس في الصلاة لكان الله بَيَّن للرسول ... سبحان الله، مغالطة هذه مكشوفة.

ويُعْجِبُني بهذه المناسبة ما كنت قرأته في رسالة «حجاب المرأة» لـ «شيخ الإسلام ابن تيمية» ذكر هناك أثراً حتى هذه الساعة لم أقف عليه مُسْنَدا يقول بأن ابن عمر رضي الله عنه رأى مولاه نافعا يصلي ذات يوم، يصلي حاسر الرأس، فبعد أن صلى، قال له: «أرأيت لو أنك ذهبت لمقابلة أحد هؤلاء يعني الأمراء، أكنت تذهب إليه حاسر الرأس» قال: لا، قال: «فالله أحق أن يُتَزَيَّن له» هذا كأثر بين نافع ومولاه ابن عمر ذكره هو ولم يعزه ولا وقفت عليه.

لكن أنا خَرَّجت حديثا في «صحيح سنن أبي داود» أظنه من «سنن البيهقي» بالسند الصحيح أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «من كان له إزار

<<  <  ج: ص:  >  >>