للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهنا مسألة خلافية بين العلماء، إذا وقع للمصلي ما يبطل صلاته كأن يكون مثلاً وهو يصلي خرج منه ناقض للوضوء على خلاف النواقض المعروفة عند العلماء، فمن يقول أن الرعاف ينقض الوضوء، هذا بطل وضوؤه، خرج الدم بطل وضوؤه، من يقول به.

أما النواقض كما قال عليه السلام: «فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» فهذه نواقض مُتَّفَق عليها، فأيُّ ناقض خرج من المصلي ثم ذهب وتوضأ، فهل يبني على صلاته، أي: يعتبر الصلاة الماضية التي صلاها على طهارة ثم انتقضت هذه الطهارة، هذه الطهارة المنتقضة هل نقضت الصلاة السابقة أم تبقى هذه الصلاة صحيحة؟ فهنا قولان للعلماء:

منهم من يقول: يبني على ما مضى، أي ما صلى، صلى ركعة مثلاً فانتقض وضوؤه بناقض من النواقض، فمعنى يبني أي الركعة التي صلاها ما دام صلاها على طهارة فهي ركعة صحيحة، فإذا جَدَّد وضوءه يبني، أي: لو كان يصلي الصبح لا يأتي بركعتين وإنما يأتي بركعة واحدة.

أما من يقول أنه يستأنف الصلاة فمعنى ذلك أن تلك الركعة لا قيمة لها، فهو يبتدئ الصلاة من جديد.

حديث أبي بكرة من الأحاديث الصحيحة التي تُرجِّح أن من عَرَض له ما يُبْطل صلاته أنه يبني على ما صلى، ما دام أنه كان معذوراً، ومن الأعذار هو النسيان، وهذا ما وقع للرسول عليه السلام في قصة أبي بكرة؛ حيث دخل في الصلاة وهو جنب، فذهب واغتسل وجاء ورأسه يقطر ماءً فصلى ما قال: فابتدأ الصلاة. وهذه ناحية.

الناحية الأخرى: أنه عليه السلام لو كان يريد أن يُبَيِّن لأمته أن مثل هذه الحادثة التي وقعت له لم يكن به من حاجة بأن يشير إليهم أن يقول لهم إشارة بيده أن مكانكم، وإنما يقول لهم بلسانه .. أنا بطلت صلاتي لأني تذكرت أنني على غير طهارة، فاجلسوا استريحوا حتى آتيكم، أما أن يشير إليهم إشارة لا يصرح لهم

<<  <  ج: ص:  >  >>