قال شيخ الإسلام:«ولا ريب أن التبليغ لغير حاجة بدعة، ومن اعتقده قربة مطلقة؛ فلا ريب أنه إمام جاهل، وإما معاند، وإلا؛ فجميع العلماء من الطوائف قد ذكروا ذلك في كتبهم حتى في المختصرات؛ قالوا: ولا يجهر بشيء من التكبير إلا أن يكون إماماً. ومن أصر على اعتقاد كونه قربة؛ فإنه يعزر على ذلك؛ لمخالفته الإجماع. هذا أقل أحواله. والله أعلم».
وفي الحديث أيضاً مشروعية التكبير في كل خفض ورفع، وهو مذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، حتى نقل بعض العلماء الاتفاق على ذلك؛ لكن نُقِل غيرُه عن بعض السلف: أنه لا يشرع إلا تكبيرة الإحرام، وهم محجوجون بأحاديث كثيرة: منها: حديث أبي سعيد هذا.
ومنها: حديث عمران بن حُصين قال: صلى مع علي رضي الله عنه بالبصرة، فقال: ذَكَّرَنا هذا الرجلُ صلاةً كنا نُصليها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر أنه كان يُكَبِّر كلما رفع، وكلما وضَعَ.
أخرجه البخاري «٢/ ٢١٤» وغيره.
وفي الباب أحاديث أخرى لا أريد أن أطيل بإيرادها وتخريجها؛ طالما أن المسألة صارت كالمتفق عليها.
ولكنهم اختلفوا في حكم هذه التكبيرات؛ عدا تكبيرة الإحرام.
قال الحافظ «٢/ ٢١٥»: «فالجمهور على ندبيتها، وعن أحمد وبعض أهل العلم بالظاهر: يجب كله».
قلت: واحتجوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلوا كما رأيتموني أصلي».
واحتج الجمهور عليهم بحديث «المسيء صلاته»؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمره بتكبيرات الانتقالات، وأمره بتكبيرة الإحرام - كما قال النووي «٣/ ٣٩٧» -. وهذه حجة ضعيفة؛ وذلك لأن حديث «المسيء صلاته» لم يقتصر أحد من العلماء المشهورين على حصر الواجبات بما ورد فيه؛ بل كل منهم يزيد على ما جاء فيه بدليل ظهر له.