للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: هذا التعبير قد يوهم مشروعية سكوت الإمام عقب الفاتحة بقدر ما يقرأها من وراءه لان عدم اللزوم لا يستلزم عدم المشروعية مطلقا كما لا يخفى ودفعا لذلك الإيهام أقول: إن السكتة المذكورة بدعة في الدين إذ لم ترد مطلقا عن سيد المرسلين إنما ورد عنه سكتتان إحداهما بعد تكبيرة الإحرام من أجل دعاء الاستفتاح وقد مضى حديثها في الكتاب عن أبي هريرة. والسكته الثانية رويت عن سمرة بن جندب واختلف الرواة في تعيينها فقال بعضهم: هي عقب الفاتحة. وقال الأكثرون: هي عقب الفراغ من القراءة كلها وهو الصواب كما بينته في «التعليقات الجياد» وغيره وراجع «رسالة الصلاة» لابن القيم.

على أن هذا الحديث معلل عندي بالانقطاع لأنه من رواية الحسن عن سمرة وهو وإن كان سمع منه في الجملة فهو مدلس وقد عنعنه ولم يصرح بسماعه لهذا الحديث منه فثبت ضعفه.

ثم إنه ليس فيه التصريح بأن السكتة كانت طويلة بذلك القدر فلا متمسك فيه البتة للشافعية فتأمل.

وأما ما ذكره الشوكاني في «السيل الجرار» ١/ ٢٢٥ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بعد فراغه من قراءة الفاتحة يسكت سكتة طويلة ثم يقرأ السورة. فليس في شيء من روايات الحديث زيادة طويلة.

وكأنه اختلط عليه نص الحديث بتفسير الخطابي إياه بقوله: «إنما كان يسكت ... ليقرأ من خلفه «نقله عنه الشوكاني في النيل» ٢/ ٢٠٠ ومن المحتمل أنه تفسير منه لرواية لأحمد: «وإذا قال: {وَلا الضَّالِّينَ} سكت أيضا هنية». وقد عرفت أن محل السكتة الثانية بعد الفراغ من القراءة كلها على ضعف الإسناد.

ثم فصلت القول في ذلك في «إرواء الغليل» ٢/ ٢٨٤ - ٢٨٨.

[تمام المنة ص (١٨٧)]

<<  <  ج: ص:  >  >>