للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن أئمة الحديث وعلى رأسهم الإمام البخاري رَدّ على الكوفيين، وفي مقدمتهم أبو حنيفة النعمان ابن ثابت رحمه الله، الذي كان يحتج بحديث ابن مسعود.

الإمام البخاري احتج على الكوفيين، وعلى رأسهم الإمام أبي حنيفة رحمه الله الذي كان يذهب إلى عدم شرعية الرفع إلا في تكبيرة الإحرام، رد عليه بهذه القاعدة ابن مسعود نفى كما نفى ابن عمر الرفع عند السجود، أما نفي ابن مسعود فكان أوسع، نفى الرفع إلا بتكبيرة الإحرام، بماذا احتج البخاري على الكوفيين الذين اقتصروا في شرعية الرفع فقط عند تكبيرة الإحرام؟ بحديث بلال الحبشي رضي الله عنه الذي رواه عنه ابن عمر نفسه لما دخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مكة فاتحاً، ودخل جوف الكعبة، صلى ركعتين.

وصف بلال حينما خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من جوف الكعبة، وتلقاه ابن عمر رضي الله عنه وسأله: ماذا صنع الرسول عليه السلام لما دخل الكعبة قال: «صلى ركعتين بين العمودين» شوف هو الآن يصف بدقة، بلال هو الواصف، فقال له: صلى ركعتين بين العمودين، وبينه وبين جدار الكعبة ثلاثة أذرع، دليل أنه كان يُلَاحظ صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بدقة، هذا حديث ابن عمر عن بلال يُثبت أن الرسول صلى ركعتين في جوف الكعبة، أما ابن عباس فيقول: إنه لم يُصَلِّ في جوف الكعبة، وإنما خارجها، قال البخاري فبماذا أخذ أهل العلم، أبحديث بلال المُثْبِت لصلاة الرسول عليه السلام ركعتين، أم بحديث ابن عباس الذي نفى هاتين الركعتين.

قال البخاري: أخذوا بحديث بلال؛ لقاعدة المُثْبِت مُقَدّم على النافي.

وهذه القاعدة مُطَّرِدة، بشرط أن يُثْبِت ما أثبته المُثْبِت أن يَثْبُت إلينا بالسند الذي تتم به الحجة، هذا واضح.

فابن عمر رضي الله تعالى عنه اثبت لنا الرفع عند الركوع والرفع منه، فزدناه على حديث ابن مسعود الذي أثبت الرفع فقط عند تكبيرة الإحرام، ثم أنس ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>