للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= القيم عن الإمام أحمد أنه يضع فوق السرة أو عليها أو تحتها، كل ذلك واسع عنده». هذا ما شغب به ذلك المتعصب على السنة الصحيحة؛ فجعل تخيير الإمام أحمد رحمه الله في موضع الوضع دليلاً على أن وضعهما على الصدر لم يثبت في السنة! ! ولو كان محباً للسنة غيوراً عليها - كما يغار على مذهبه أن ينسب إليه ما لم يصح -، ومنصفاً في تعقبه؛ لرد ما أنكره من قولي بنقده للأحاديث التي اعتمدت عليها في إثبات هذه السنة، وقد أشرت إلى مخرجيها هناك، ولكنه يعلم أنه لو فعل؛ لانفضح أمره، وانكشف تعصبه على السنة! كيف لا، وهو قد قوى أحدها؛ لكن في مكان بعيد عن المكان الأول الذي غمز فيه من ثبوتها كما سبق؛ تعمية وتضليلاً للقراء؟ ! فقد ذكر «٣/ ١٠» - من رواية الترمذي، وأحمد - حديثَ قبيصة ابن هُلب عن أبيه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذ شماله بيمينه.
وقال عقبه: «وقال الترمذي: حديث حسن. وهو كما قال. وزاد أحمد في رواية: يضع هذه على صدره». [وقد سبق هنا «ص ٢١٦»].
وهناك أحاديث أخرى؛ منها حديثان ذكرهما هو: أحدهما: من مرسل طاوس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضع يده اليمنى على يده اليسرى، ثم يشد بهما على صدره وهو في الصلاة.
وأعله بسليمان بن موسى الدمشقي؛ فقال «٣/ ٩»: «فيه لين، وخلط قبل موته بقليل، ثم هو مرسل».
أقول: المرسل عند الحنفية حجة، وكذلك عند غيرهم إذا جاء موصولاً، أو من طرق أخرى، كما هو الشأن هنا.
وقوله: «فيه لين ... » هو عبارة الحافظ في «التقريب» لكنه حذف منها ما يدل على فضل سليمان هذا، وأنه خير مما ذكر! ونصها فيه: «صدوق فقيه، في حديثه بعض لين، وخولط قبل موته بقليل».
قلت: فمثله حسن الحديث في أسوأ الاحتمالات، وصحيح في الشواهد والمتابعات، وقد قال فيه ابن عدي - بعد أن ذكر أقوال الأئمة فيه، وساق له أحاديث من مفاريده -: «وهو فقيه راوٍ، حدّث عنه الثقات، وهو أحد علماء الشام، وقد روى أحاديث ينفرد بها لا يرويها غيره، وهو عندي ثبت صدوق».
والحديث الآخر: خرّجه المذكور «٣/ ٨» من رواية الطبري «٣٠/ ٣٢٥»، والحاكم «٢/ ٥٣٧»، والبيهقي «٢/ ٢٩ و ٣٠ - ٣١» من طريق حماد بن سلمة عن عاصم الجَحْدَري عن عُقبة بن ظِبيان عن علي رضي الله عنه: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}.
قال: هو وضع يمينك على شمالك في الصلاة.
وقال عقبه: «وعاصم الجَحْدَري - هو ابن العَجَّاج أبو المُجَشِّر المقرئ - لم يوثقه غير ابن حبان، وكذا عقبة بن ظبيان».
وقال ابن التركماني «٢/ ٣٠»: «في سنده ومتنه اضطراب».
وأقول: هذا الحديث - وإن تكلم المومى إليه في إسناده، ويأتي بيان ما فيه؛ فإنه - يصلح شاهداً لأحاديث الصدر لو أن الرجل ساق الحديث بالرواية الأتم، ولا يبعد أن الحامل له على ذلك هو الانتصار لزعمه المتقدم: «فيه ما فيه»! ويظهر ذلك لكل قارئ إذا لاحظ معي ما يأتي من أمور:
الأول: أن الرواية التي ساقها هي للحاكم، آثرها بالذكر لاختصارها، وأعرض عن لفظ رواية الطبري والبيهقي؛ لأنها أتم، وفيها الشاهد بلفظ: «على صدره»! أخرجاها من أربعة طرق عن حماد بن سلمة به.
أحدها عند البخاري أيضاً في «التاريخ الكبير» «٣/ ٢/٤٣٧» وهي: عن موسى بن إسماعيل عن حماد.
ومن طريق موسى فقط أخرجه الحاكم دون الزيادة! فهي غريبة.
فهل يجوز إيثارها بالذكر دون رواية الجماعة من جهة، وفيها زيادة على الرواية الغريبة من جهة أخرى لولا الهوى والعصبية المذهبية! =

<<  <  ج: ص:  >  >>