الاحتجاج به، لا سيما وقد ثبت عن راويه - أعني: علياً - من فعله خلافُه - كما سبق -؛ وهو الوضع فوق السرة لا تحتها! وقواعد الحنفية تقضي بترك الحديث الذي عمل راويه بخلافه - كما هو مقرر عندهم في أصول الفقه -؛ فينبغي عليهم أن يتركوا حديث علي - لا سيما وهو ضعيف -، وأن يأخذوا بفعله، وهو أصح من مَرْوِيِّهِ، ومؤيد بأحاديث أخرى في الباب - كما رأيت -.
وقد أنصف المحقق السندي رحمه الله؛ حيث قال في «حاشية ابن ماجه» - بعد أن ساق بعض الأحاديث التي أسلفنا ومنها حديث طاوس المرسل -: وهذا الحديث - وإن كان مرسلاً؛ لكن المرسل - حجة عند الكل.
وبالجملة؛ فكما صح أن الوضع هو السنة دون الإرسال؛ ثبت أن محله الصدر؛ لا غير. وأما حديث: إن من السنة وضع الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة.
فقد اتفقوا على ضعفه. كذا ذكره ابن الهمام نقلاً عن النووي، وسكت عليه. اهـ.
وأما ما جاء في كتاب «بدائع الفوائد» لابن القيم «٣/ ٩١»: قال - يعني: الإمام أحمد - في رواية المزني: ويكره أن يجعلهما على الصدر.
وذلك لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه: نهى عن التكفير. وهو وضع اليد على الصدر. اهـ.
فإنه استدلال عجيب! فإن الحديث - إن صح - ليس فيه النهي عن التكفير في الصلاة، وليس كل ما كان منهياً عنه خارج الصلاة يكون منهياً عنه فيها؛ بل قد يكون العكس؛ فقد أمرنا - مثلاً - بالقيام فيها لله تعالى، ونهينا عنه خارجها لغيره سبحانه وتعالى، فلا يبعد أن يكون الحديث كناية عن النهي عن الخضوع لغير الله تعالى، كما يُخضَع له تعالى بوضع اليدين على الصدر في الصلاة، فيكون عليه الصلاة والسلام نهى عن هذا الوضع لغير الله تعالى؛ لما فيه من الخضوع وتعظيم غير الله تعالى.