فقال: بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن حتى إذا بلغ: {وَلا الضَّالِّينَ} فقال: آمين. وقال الناس: آمين. .. ».
قلت: تقدم الحديث في البسملة وكما قلنا هناك أنه ليس فيه التصريح بالجهر بالبسملة فكذلك نقول ههنا أنه ليس فيه الجهر بالتأمين فهو دليل على مطلق التأمين لا على الجهر بها.
قوله:«أمن ابن الزبير ومن وراءه حتى إن للمسجد للجة».
قلت: ليس في تأمين المؤتمين جهرا سوى هذا الأثر ولا حجة فيه لأنه لم يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد جاءت أحاديث كثيرة في جهر النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس في شيء منها جهر الصحابة بها وراءه - صلى الله عليه وسلم - ومن المعلوم أن التأمين دعاء والأصل فيه الإسرار لقوله تعالى:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} فلا يجوز الخروج عن هذا الأصل الا بدليل صحيح وقد خرجنا عنه في تأمين الإمام جهرا لثبوته عنه - صلى الله عليه وسلم - ووقفنا عنده بخصوص المقتدين ولعله لذلك رجع الشافعي عن قوله القديم فقال في «الأم» ١/ ٦٥:
«فإذا فرغ الإمام من قراءة القرآن قال: آمين ورفع بها صوته ليقتدي بها من خلفه فإذا قالها قالوها وأسمعوا أنفسهم ولا أحب أن يجهروا بها فإن فعلوا فلا شيء عليهم».
ثم خرجت أثر ابن الزبير المذكور وبينت صحته عنه تحت الحديث ٩٥٢ في «الضعيفة» وأتبعته بأثر آخر صحيح أيضا عن أبي هريرة أنه كان يجهر ب آمين وراء الإمام ويمد بها صوته فملت ثمة إلى اتباعهما في ذلك ثم رأيت الإمام أحمد قال به فيما رواه ابنه عبد الله عنه في «مسائله» ٧٢/ ٢٥٩.
ثم إن قوله:«يسن لكل مصل ... » ينافي ظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أمن الإمام فأمنوا ... » وما في معناه مما يأتي عند المؤلف فإنه يدل على وجوب التأمين على المأموم واستظهره الشوكاني في «النيل» ٢/ ١٨٧ لكن لا مطلقا بل مقيدا بأن يؤمن الإمام وأما الإمام والمنفرد فمندوب فقط. قال:«وحكى ابن بزيزة عن بعض أهل العلم بوجوبه على المأموم عملا بظاهر الأمر وأوجبته الظاهرية على كل مصل».