(٢) ومثل هذه المبالغة قول صاحب «الهداية»: «ولا يقرأ المؤتم خلف الإمام، وعليه إجماع الصحابة». وإن العاقل المنصف ليعجب كل العجب من مثل هذَه العبارات والمبالغات! فإنها تدل على أحد شيئين: الأول: التعصب الذي يعمي ويصم. والثاني: الجهل بكتب الحديث، وعدم الاشتغال بمطالعتها، حتى ولو كانت من كتب الحديث المذهبية؛ ككتاب «شرح معاني الآثار» للطحاوي؛ فإنه قد ذكر فيه الخلاف بين الصحابة في هذه المسألة! ولعل ذلك هو منشأ قول بعض مشايخنا: علم الحديث صنعة المفاليس! وأي الأمرين كان؛ فهو عظيم بالنسبة لهؤلاء الأئمة الذين هم القدوة لمن بعدهم. ومثل ذلك في الغرابة قول صاحب «العناية شرح الهداية»: «وقوله: «وعليه إجماع الصحابة». قيل: فيه نظر؛ لأن منهم من يقول بوجوب قراءة «الفَاتِحَة». وأُجِيبَ بأن المراد به إجماع أكثر الصحابة؛ فإنه روي عن ثمانين نفراً من كبار الصحابة منع المقتدي عن القراءة خلف الإمام». ثم قال: «وليس بشيء؛ لأن هذا المقدار ليس أكثر الصحابة. وموضع الغرابة تعيين هذا العدد بما ليس له =