وهكذا الحكم عندنا، ولنا وجه شاذ ضعيف: أنه لا يقرأ المأموم السورة في السرية، كما لا يقرؤها في الجهرية! وهذا غلط؛ لأنه في الجهرية يؤمر بالإنصات، وهنا لا يسمع؛ فلا معنى لسكوته من غير استماع، ولو كان في الجهرية بعيداً عن الإمام لا يسمع قراءته؛ فالأصح أنه يقرأ السورة؛ لما ذكرناه. اهـ.
فثبت من ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - أقرهم على القراءة في هذه الصلاة، وهي سرية؛ فدلَّ على استحباب القراءة في السرية وراء الإمام. وفيها من الفضل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من قرأ حرفاً من كتاب الله؛ فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول:{الم} حرف، ولكن «ألف» حرف، و «لام» حرف، و «ميم» حرف».
أخرجه الترمذي «٢/ ١٤٩ - ١٥٠» من طريق أيوب بن موسى قال: سمعت محمد بن كعب القُرَظي قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: . .. فذكره مرفوعاً. وقال:«حسن صحيح».
قلت: وهو على شرط مسلم. ثم قال:«ويروى من غير هذا الوجه عن ابن مسعود. ورواه أبو الأحوص عن ابن مسعود؛ رفعه بعضهم، ووقفه بعضهم».
قلت: رواه من هذا الوجه الدارمي «٢/ ٤٢٩» من طريق سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي الأحوص به موقوفاً.
وإسناده صحيح أيضاً، ولا يضر كونه موقوفاً؛ لأنه من طريق غير الطريق الأول، بل هو قوة له - كما لا يخفى -. وهو مخرج في «الصحيحة»«٦٦٠».
وهو نص عام يشمل القراءة في الصلاة وخارجها، وشموله لها من باب أولى.
فليس من المعقول إذن أن تتسنى للمصلي فرصة ينال فيها هذا الفضل العظيم، ثم يضيعها، ويشغل باله بالتفكير بأمور لا تليق بالصلاة وجلالها.