وقال الرافعي: قال الأكثر: في المسألة قولان؛ أصحهما أنه يجهر.
قلت: وقال النووي في «صحيح مسلم»: «وهو الصحيح من مذهبنا». وإليه ذهب ابن القيم في «إعلام الموقعين»«٣/ ٧»، وقال:«قال الربيع: سئل الشافعي عن الإمام: هل يرفع صوته بآمين؟ قال: نعم، يرفع بها من خلفه أصواتهم. فقلت: وما الحجة؟ فقال: أنبأنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء: كنت أسمع الأئمةَ: ابنَ الزبيرِ ومَنْ بعده يقولون: آمين. ومن خلفهم: آمين. حتى إن للمسجد لَلجُّة».
قلت: هذا الأثر أخرجه البيهقي «٢/ ٥٩» من طريق الربيع.
ثم أخرج هو وابن حبان في كتاب «الثقات» - على ما في «التعليق المغني» - من طريق مطرف عن خالد بن أبي نَوْف - وفي البيهقي: أيوب. وهو تحريف - عن عطاء قال: أدركت مئتين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا المسجد؛ إذا قال الإمام:{غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}؛ سمعت لهم رجة بـ «آمين».
ولكن في ثبوت هذين الأثرين نظر: أما الأول: ففيه علتان: الأولى: عنعنة ابن جريج، وهو مدلس.
والثانية: ضعف مسلم بن خالد - وهو: الزنجي المكي الفقيه -؛ وقد ساق له الذهبي في «الميزان»، والحافظ في «التهذيب» أحاديثَ مناكيرَ، ثم قال الذهبي:«فهذه الأحاديث وأمثالها تُرَدُّ بها قوة الرجل، ويضعف».
وقال الحافظ في «التقريب»: «صدوق كثير الأوهام».
وأما الأثر الثاني: فعلته جهالة خالد بن أبي نوف؛ فإنه لم يرو عنه إلا اثنان: أحدهما: مطرف هذا - وهو: ابن طريف -، والآخر: يونس بن أبي إسحاق. فهو في عداد مجهولي العدالة، وتوثيق ابن حبان له لا يفيد؛ لما علم من تساهله في التوثيق. فظهر من هذا البيان أنهما أثران لا يصلح الاحتجاج بهما، ولعله من أجل ذلك رجع الشافعي عن قوله القديم؛ فقال في الجديد: إن المؤتم لا يجهر بآمين. ونصه في «الأم»«١/ ٦٥»: «فإذا فرغ الإمام من قراءة «أم القرآن»؛ قال: آمين. ورفع بها صوته؛ ليقتديَ بها من خلفه. فإذا قالها؛ قالوها، وأسمعوا أنفسهم، ولا أحب أن يجهروا بها، فإن فعلوا؛ فلا شيء عليهم». اهـ.