للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: هذا بارك الله فيك يختلف باختلاف النِّية، اللِّي بنسمعه نحن من القراء لا يجوز إطلاقاً؛ لأنهم يقصدون الفن، ولا يقصدون العلم، لا يقصدون تعليم الناس إنه هذه قراءة وهذه قراءة؛ لأنه هنا يقال:

أوردها سعد وسعد مشتمل ... ما هكذا يا سعد تورد الإبل

اللِّي بِدّه يعلم الناس ما بيجي بيتفنن ويتفلسف، مرة هيك ومرة هيك ومرة هيك، وأي إنسان عنده ذاكرة لا يحفظ هذه القراءة والثانية والثالثة إلى آخره.

لكن إذا قرأ سورة ما على قراءةٍ ما، وبدا له أن يقرأ آيةً ما على قراءة أخرى، آية ما من أجل التعليم والتذكير، وكان في محضر وفي مُجْتَمع مُسْتَعِد لِتَقَبُّل مثل هذا التوجيه وهذا التعليم فله ذلك؛ لأنه الحقيقة نحن دائماً ندعو بالرجوع إلى السنة واتباع السلف، هذه القراءات كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها؟ يقرؤها كما يتيسر له تارةً هكذا وتارةً هكذا، ليس على هذه الطريقة الفوضوية اللِّي بتضيِّع الإنسان عن المقصود من التلاوة، وهو التدبر كما ذكرنا آنفاً في الآية الكريمة: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [النساء: ٨٢].

ولذلك وقعت بعض القصص في زمن الرسول عليه السلام، عمر مثلاً سمع رجلاً يقرأ آية على غير القراءة التي كان هو يحفظها، فتخاصم هو وإياه وأخذوا عند الرسول عليه السلام، وقال له: أنا سمعت هذا الرجل يقرأ فأجابه عليه السلام: بأنه هكذا أُنزل، ثم أمرهم ألا يختلفوا بالقرآن.

قصدي أن أقول: إن الرسول كان يقرأ تارةً هكذا وتارةً هكذا، فكل إنسان من الصحابة حفظ شيئاً نقله إلى الآخرين.

ثم قبض لهذه القراءات علماء جمعوها، كما فعل أئمة المذاهب الأربعة بالفقه تماماً.

فلا يجوز لمسلم أن يتعصب لمذهب على مذهب، كما لا يجوز أن يتعصب لقراءة على قراءة.

<<  <  ج: ص:  >  >>