قال: قد أسمعتُ من ناجيتُ يا رسول الله! وقال لعمر: «مررت بك وأنت تصلي رافعاً صوتك؟ ».
فقال: يا رسول الله! أُوْقِظُ الوَسْنَانَ، وأَطْرُدُ الشيطان.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا أبا بكر! ارفع من صوتك شيئاً».
وقال لعمر:«اخفض من صوتك شيئاً».
قال ابن العربي في «عارضة الأحوذي»: «اختلف الناس في أي المقامين أفضل: هل التناجي سراً مع المولى، أم الجهر؛ لما في ذلك من تضاعف الأجر في تذكرة الغافل، وطرد العدو؟ وما حكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه أعدل شاهد؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يُزِلْ أبا بكر عن صفته، ولا عمر، وقال لهذا: «ارفع من صوتك قليلاً»؛ حتى يقتدي بك من يسمعك.
وقال لعمر:«اخفض من صوتك»؛ لئلا يتأذى بك من يحتاج إلى النوم.
وهذا إنما كان في حق أبي بكر للقطع في خُلُوصِ نيته، وسلامته عن الرياء، وتصديقه له في قوله: أسمعتُ من ناجيتُ.
وأما غيره؛ فالسر له أفضل؛ لأنه أقرب إلى الإخلاص، وأسلم من الآفات.
وقد ثبت عن عائشة في «الصحيح»: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ربما أسر في قراءته، وربما جهر. فقال الراوي له عن عائشة: الحمد لله الذي جعل في الأمر سَعَةً. فيقرأ كل أحد بما قدر عليه من نشاطه وكسله، وبما سلم من إخلاصه، أو خوفه الرياءَ والتصنعَ على نفسه.