ومن تراجم البخاري لهذا الحديث:«باب نفض اليدين من الغسل عن الجنابة». قال الحافظ:«استدل به على جواز نفض ماء الغسل والوضوء، وهو ظاهر قال: وفيه حديث ضعيف أورده الرافعي وغيره»، ثم ذكر هذا ثم قال:«قال ابن الصلاح: لم أجده». وتبعه النووي، وقد أخرجه ابن حبان في «الضعفاء» وابن أبي حاتم في «العلل» من حديث أبي هريرة، ولو لم يعارضه هذا الحديث الصحيح لم يكن صالحا لأن يحتج به.
وقال ابن عدي في «الكامل» في ترجمة البختري «ق ١٤٠/ ١»: «روى عن أبيه عن أبي هريرة قدر عشرين حديثا، عامتها مناكير، فمنها: أشربوا أعينكم الماء». وقال الذهبي:«هذا أنكرها». إذا عرفت هذا فمن العجائب قول بعضهم: أن الأولى ترك النفض لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا توضأتم فلا تنفضوا أيديكم»! فاحتج بالحديث الضعيف! وتأول بعضهم من أجله الحديث الصحيح الذي ذكرته فحمل النفض المذكور فيه على تحريك اليدين في المشي، حكاه القاضي عياض ورده بقوله:«وهو تأول بعيد». فتعقبه الشيخ علي القاري في «المرقاة» بقوله «١/ ٣٢٥»: «قلت: وإن كان التأويل بعيدا فالحمل عليه جمعا بين الحديثين أولى من الحمل على ترك الأولى»! قلت: وكأنه خفي عليه ضعف هذا الحديث وإلا فمثله لا يخفى عليه أنه لا يسوغ تأويل النص الصحيح من أجل الضعيف، فهذا من آثار الأحاديث الضعيفة والجهل بها، فتأمل. والحديث أورده السيوطي في «الجامع الكبير»«ج ١/ ٥٠ / ١» بهذا السياق من رواية الديلمي في «مسند الفردوس» عن أبي هريرة. وأورده فيه «١/ ١٠١ / ٢» وفي «الصغير» بلفظ «أشربوا أعينكم الماء عند الوضوء، ولا تنفضوا ... » الحديث من رواية أبي يعلى وابن عدي، وزاد في «الكبير»: «وابن عساكر» وقال فيه: «والبختري ضعفه أبو حاتم، وتركه غيره» ثم ذكر قول ابن عدي المتقدم أن الحديث من مناكيره.