قال الحافظ:«هو تقارب ضروب الحركات في القراءة، وأصله: الترديد. وترجيع الصوت: ترديده في الحلق». اهـ.
وقال المناوي:«وذلك ينشأ غالباً عن أَرْيحِيَّةٍ وانبساط، والمصطفى - صلى الله عليه وسلم - حصل له من ذلك حظ وافر يوم الفتح».
قال الحافظ في شرح قوله:«آآ آ»: «بهمزة مفتوحة، بعدها ألف ساكنة، ثم همزة أخرى». ثم ذكر «١٣/ ٤٤٢» نحوه عن القرطبي. ونقل القاري مثله عينه ميرك شاه، ثم قال:«والأظهر أنها ثلاث ألفات ممدودات». ثم قال الحافظ:«ثم قالوا: يحتمل أمرين؛ أحدهما: أن ذلك حدث من هَزِّ الناقة. والآخر: أنه أشبع المد في موضعه؛ فحدث ذلك. وهذا الثاني أشبه بالسياق؛ فإنَّ في بعض طرقه: لولا أن يجتمع الناس؛ لقرأت لكم بذلك اللحن. أي: النغم».
قال القرطبي:«وقوله هذا يشير إلى أن القراءة بالترجيع تجمع نفوس الناس إلى الإصغاء، وتستميلها بذلك، حتى لا تكاد تصبر عن استماع الترجيع المَشُوْبِ بلذة الحكمة المهيمة». ثم قال الحافظ: والذي يظهر أن في الترجيع قدراً زائداً على الترتيل؛ فعند ابن أبي داود من طريق أبي إسحاق عن علقمة قال: بتُّ مع عبد الله بن مسعود في داره، فنام، ثم قام، فكان يقرأ قراءة الرجل في مسجد حَيِّه؛ لا يرفع صوته، ويُسْمعُ من حوله، ويرتل ولا يرجِّع.
وقال الشيخ أبو محمد ابن أبي جمرة: معنى الترجيع: تحسين التلاوة .. لا ترجيع الغناء؛ لأن القراءة بترجيع الغناء تنافي الخشوع الذي هو مقصود التلاوة.
قال الشيخ القاري «٢/ ١٤٢ - ١٤٣»: «ومن تأمل أحوال السلف؛ علم أنهم بريئون من التصنع في القراءة بالألحان المخترعة، دون التطريب، والتحسين الطبيعي؛ فالحق أن ما كان منه طبيعة وسجيَّة؛ كان محموداً - وإنْ أعانته طبيعته على زيادة تحسين وتزيين- لِتأثُّرِ التالي والسامع به.