للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن القيم «١/ ١٩٣»: «وذلك عَوْنٌ على المقصود، وهو بمنزلة الحلاوة التي تُجعل في الدواء؛ لتُنفِذه إلى موضع الداء، وبمنزلة الأفاويه والطِّيب الذي يُجعل في الطعام؛ لتكون الطبيعة أدعى له قَبُولاً، وبمنزلة الطِّيب والتحلِّي وتجمُّل المرأة لبعلها؛ ليكون أدعى إلى مقاصد النكاح».

قال السيد رشيد رضا رحمه الله: «كثيراً ما رأينا بعض أدباء النصارى يرغبون في سماع القرآن من القراء المجودين، ويعترفون بقوة تأثيره في القلوب.

وفي «الصحيح» أن المشركين كانوا يؤذون أبا بكر رضي الله عنه، ويمنعونه من الصلاة في المسجد الحرام، ثم حاولوا منعه من رفع صوته بالقرآن في بيته؛ لما رأوا من إقبال الناس - ولا سيما النساء، والأولاد المُدْرِكين - عليه، وتأثير قراءته في نفوسهم. وقد أدرك بعض علماء الإفرنج ما كان لتلاوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للقرآن من التأثير العظيم في جذب العرب إلى الإسلام، واعترف بأنه كان أشد تأثيراً من جميع معجزات الأنبياء في هداية الناس». اهـ.

ثم قال الحافظ: «وكان بين السلف اختلاف في جواز القراءة بالألحان. أما تحسين الصوت وتقديم حَسَنِ الصوت على غيره؛ فلا نزاع في ذلك». ثم ذكر أقوال العلماء في القراءة بالألحان، وحكى جوازه عن جماعة من الصحابة والتابعين، وهو المنصوص للشافعي، ونقله الطحاوي عن الحنفية. ثم قال: «ومحل هذا الاختلاف إذا لم يختل شيء من الحروف عن مخرجه، فلو تغير - قال النووي في «التبيان»: - أجمعوا على تحريمه». اهـ.

وقد ذكر ابن القيم في «الزاد» أقوال الفريقين المبيحين للقراءة بالألحان والمانعين «١/ ١٩١ - ١٩٥»، ثم قال: وفصل النزاع أن يقال: التطريب والتغنِّي على وجهين: أحدهما: ما اقتضته الطبيعة، وسمحت به من غير تكلُّف، ولا تمرين وتعليم؛ بل إذا خُلِّيَ وطَبْعَه، واسترسلت طبيعته؛ جاءت بذلك التطريب والتلحين، فذلك جائز، وإن أعان طبيعتَه فضلُ تزيين وتحسين؛ كما قال أبو موسى للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لو علمتُ أنك تسمع؛ لحبّرتُه لك تحبيراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>