الثعلبي» بما يَهُون عنده هذا العظيم؛ وذلك أنه حكى في سورة «الأَعْرَاف» عن التنوخي القاضي أنه قال في قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ}: إن المراد بالزينة رفع اليدينَ في الصلاة! فهذا في هذا الطرف، وذاك في الطرف الآخر. اهـ.
ولقد كانت هذه المسألة وأمثالها مَثَار فتن عظيمة بين الحنفية والشافعية، حتى لقد دفعَتْهم إلى وضع القاعدة المشهورة عند الفريقين:«وتكره الصلاة وراء المخالف في المذهب»! وهي كراهة تحريم عند علمائنا، ولا تزال آثار هذه القاعدة بادية في مساجدنا! ففيها المحاريب الأربعة، وترى فيها ناساً يصلون مع الإمام، وآخرين ينتظرون إمام مذهبهم! حتى لقد قلت مرة لبعض هؤلاء: حي على الصلاة؛ فإنها أقيمت. فكان جوابه أن قال:«إنها لم تُقَمْ لنا؛ إنها للشافعية»! وهم بذلك مخالفون لصريح قوله عليه الصلاة والسلام: «إذا أقيمت الصلاة؛ فلا صلاة إلا المكتوبة».
رواه مسلم وغيره. وفي لفظ لأحمد:«إلا التي أقيمت».
وليس يضيق على المتعصب أن يحرف معنى الحديث - كما حرف الآية السابقة الذكر -؛ فيقول: إن معنى الحديث: «إذا أقيمت الصلاة»: أي: الصلاة الكاملة. ولما كانت صلاة الشافعية ناقصة الأجر؛ لم يشملنا الحديث، وسلمنا من مخالفته.
هكذا يقول بعضهم! وهم مدفوعون بالقاعدة المشار إليها آنفاً؛ ظناً منهم أنها قاعدة متفق عليها بين الحنفية؛ لأنه قلما يرى - أو إن شئت قلت: لا يرى - خلافاً فيها.
ولذلك أحببت أن أذكر بعض النقول عن بعض أئمتنا مما يخالف هذه القاعدة المزعومة؛ فقد جاء في مجلة «نور الإسلام» المجلد السادس من السنة الأولى «ج ٦ ص ٣٨٨»:
وذهب أبو بكر الرازي من الحنفية إلى جواز الاقتداء بالمخالف في الفروع بإطلاق.