وقال السندي:«نَصَّ الطحاويُّ في آثاره أن مذهب أبي حنيفة وصاحبيه افتراض الطمأنينة في الركوع والسجود. وهو أقرب؛ للأحاديث».
وكان يقول:«أتمُّوا الركوعَ والسجود؛ فوالذي نفسي بيده! إني لأراكم من بعد ظهري إذا ما ركعتم، وإذا ما سجدتم».
«وأتموا»: أي: ائتوا بهما تامَّيْن كاملين؛ بشرائطهما، وسننهما، وآدابهما، وأوفوا الطمأنينة فيهما حقها، فتجب الطمأنينة فيهما في الفرض، وكذا في النفل عند الشافعية؛ وذلك بأن تستقر أعضاؤه في محلها.
قال الحراني: الإتمام: التوفية لما له صورة تلتئم من أجزاء وآحاد. كذا في «فيض القدير» للمناوي.
«فوالذي نفسي بيده» فيه جواز الحلف بالله تعالى من غير ضرورة، ولكن المستحب تركه إلا لحاجة؛ كتأكيد أمر، وتفخيمه، والمبالغة في تحقيقه وتمكينه من النفوس، وعلى هذا يُحمل ما جاء في الأحاديث من الحلف.
«من بعد ظهري» أي: من ورائي.
قال العلماء: معناه: أن الله تعالى خلق له - صلى الله عليه وسلم - إدراكاً في قفاه يبصر به من ورائه. وقد انخرقت العادة له - صلى الله عليه وسلم - بأكثر من هذا، وليس يمنع من هذا عقل ولا شرع؛ بل ورد الشرع بظاهره؛ فوجب القول به.
قال القاضي: قال أحمد بن حنبل وجمهور العلماء: هذه الرؤية رؤية بالعين حقيقة. كذا في «شرح مسلم».
قال ابن حجر:«وظاهر الحديث أن ذلك خاص بحالة الصلاة، ويحتمل العموم». انتهى.
وكلام جمعٍ متقدمين مصرِّحٌ بالعموم. كذا في «الفيض».
قلت: والظاهر ما قاله ابن حجر، «وهي من معجزاته - صلى الله عليه وسلم -»، والعموم لا دليل عليه من السنة. والله أعلم.