بهذه الصورة وبهذه الشكلية تنقلب صلاته إلى سبعين صلاة! ونحن حينما بينا ضعف هذا الحديث إسنادًا، بينا أيضًا نكارته متنًا، . .. لو أن من العمامة فضيلة ما ما يبلغ شأن هذه الفضيلة مبلغ صلاة الجماعة، وأنتم تعلمون قول الرسول عليه السلام:«صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بخمس -وفي رواية- بسبع وعشرين درجة» فكيف تكون هذه الخرقة التي يكورها صاحبها على رأسه تجعل صلاته بدون أي جهد جهيد بسبعين صلاة، هذا حديث منكر سندًا ومتنًا.
إذا عرفنا هذه القاعدة، وعرفنا الضابط فيها، فأبعد ما يكون أن يدخل الإنسان في صلاته أمرًا لم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قصد التقرب بذلك إلى الله تبارك وتعالى.
إذا تبين لنا هذا واقتنعنا به إن شاء الله، نعود لنقول: ماذا كان يكون فعل المسلم المصلي لو لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أي حديث في وضع اليدين في القيام الأول، ماذا كان يفعل؟ هل يتصنع شيئًا متكلفًا إياه من عند نفسه، أم يدع يديه على سجيتهما وعلى طبيعتهما، أن يضعهما على الصدر، أو فوق السرة، أو تحت السرة على خلاف المذاهب المعروفة اليوم؟ في ظني أنه لا أحد يقول في الجواب عن مثل هذه الفرضية: أنه لو لم يثبت في السنة الوضع في القيام الأول لوضعنا، وإنما لتركنا الوضع؛ لأن الوضع فعل زائد على السدل، والسدل على العكس من ذلك فعل طبيعي، فلا يجوز إذا والحال هو الحاصل، لا يجوز مقابلة السدل بالوضع، فكما نقول نحن: إن الوضع في القيام الثاني ما دام أنه لم يأت عن السلف فلا يشرع فلا يقال: إذن هل جاء السدل؟ فنقول أيضًا بكل صراحة: إنه لم يأت، ولكن لا يرد علينا ما يرد على أولئك لما وضحناه وبيناه آنفًا.
هذا ما حضر في بال الشيخ الكبير مما يسر الله عز وجل، ونرجو الله أن يوفقنا لصواب ما نقول.