هذا، وقد عمل بهذه الأحاديث السلف الصالح رضي الله عنهم؛ خلافاً لما يظنه كثير من الناس، بل جزم بنفي ذلك بعض المتأخرين؛ وهو: الشيخ أنور الكشميري في كتابه «فيض الباري»«٢/ ٢٥٤»، وسبقه إلى شيء من ذلك أبو جعفر الطحاوي؛ حيث ادعى الإجماع على أن لا يرفع بين السجدتين، ورد عليه الحافظ - كما رد ذلك غيرُه أيضاً؛ على ما سيأتي هناك -. وإليك النصوصَ الواردة عن السلف في ذلك:
١ - قال أبو سلمة الأعرج: أدركت الناس كلهم يرفع يديه عند كل خفض ورفع.
رواه ابن عساكر كما في «التلخيص»«٣/ ٢٧٢»، وسكت عليه.
٢ - قال البخاري في «رفع اليدين»«٢٤»: ثنا الهُذيل بن سليمان أبو عيسى قال: سألت الأوزاعي قلت: أبا عمرو، ما تقول في رفع الأيدي مع كل تكبيرة وهو قائم في الصلاة؟ قال: ذلك الأمر الأول. ثم ذكر «ص ١٨» عن عكرمة بن عمار قال: رأيت القاسم، وطاوساً، ومكحولاً، وعبد الله بن دينار، وسالماً يرفعون أيديهم إذا استقبل أحدهم الصلاة، وعند الركوع، وعند السجود.
قال: وقال وكيع عن الربيع: قال: رأيت الحسن، ومُجاهداً، وعطاء، وطاوساً، وقيس بن سعد، والحسن بن مُسلِم يرفعون أيديهم إذا ركعوا، وإذا سجدوا.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: هذا من السنة.
وقد صرح الحافظ في «الفتح»«٢/ ١٧٧» بصحة ذلك - يعني: الرفع في غير المواطن الثلاثة؛ الافتتاح، والركوع، والرفع منه - عن ابن عمر، وابن عباس، وطاوس، ونافع، وعطاء - كما أخرجه عبد الرزاق وغيره عنهم بأسانيدَ قوية -. اهـ.
وقد ذهب إلى ذلك غير واحد من أئمة الفقه والحديث؛ ومنهم: إمام السنة أحمد بن حنبل رضي الله عنه في رواية عنه؛ ففي «بدائع الفوائد» لابن القيم «٣/ ٨٩»: