وأما رواية الطبراني التي اعتمدنا عليها؛ فلم يضعفها، بل صححها تلميذ أبيه الحافظ الهيثمي - كما سبق -.
وإذ قد صحت الأحاديث بالرفع في كل خفض ورفع؛ فوجب الأخذ بها، ولا يجوز ردها ومعارضتها بالروايات التي فيها نفي الرفع؛ هذا لما تقرر في الأصول: أن المثبت مقدم على النافي.
وعلى هذا الأصل أخذ جماهير العلماء بالأحاديث المثبتة للرفع عند الركوع، والرفع منه - كما سبق بيانه هناك -، فمن قدم منهم النفي ههنا؛ فهو واقع فيما أنكره على غيره من الحنفية الذين نفوا الرفع هناك -، وقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}.
وما أحسن كلام ابن حزم رحمه الله في الجمع بين الأحاديث المختلفة الواردة في هذا الباب قال رحمه الله «٤/ ٩٣»: «فكان ما رواه الزهري عن سالم عن ابن عمر زائداً على ما رواه علقمة عن ابن مسعود». يعني: نفيه للرفع إلا في الإحرام.
قال: «ووجب أخذ الزيادة؛ لأن ابن عمر حكى أنه رأى ما لم يره ابن مسعود من رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه عند الركوع والرفع منه. وكلاهما ثقة، وكلاهما حكى ما شاهد.
وكان ما رواه نافع ومُحارِب بن دِثَارٍ؛ كلاهما عن ابن عمر.
وما رواه أبو حُميد وأبو قتادة وثمانية من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رفع اليدين عند القيام إلى الركعتين زيادة على ما رواه الزُّهْري عن سالم عن ابن عمر، وكلٌّ ثقة، وكل مصدَّق فيما ذكر أنه سمعه ورآه، وأخذُ الزيادةِ واجبٌ.
وكان ما رواه أنس من رفع اليدين عند السجود زيادة على ما رواه ابن عمر، والكل ثقة فيما روى وما شاهد. وكان ما رواه مالك بن الحُويرث من رفع اليدين في كل ركوع، ورفع من ركوع، وكل سجود، ورفع من سجود؛ زائداً على كل ذلك،
والكل ثقات فيما رَوَوْهُ وما سمعوه، وأخذ الزيادات فرض لا يجوز تركه؛ لأن