للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الأمر فمن حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه».

أخرجه أبو داود والنسائي وجماعة وإسناده جيد كما قال النووي والزرقاني وقواه الحافظ ابن حجر كما يأتي.

وهو مخرج أيضا في المصدر المذكور آنفا ٢/ ٧٨ وفي «صحيح أبي داود» ٧٨٩.

وليس لهذين الحديثين ما يعارضهما إلا حديث وائل بن حجر الذي نقله المؤلف عن ابن القيم وهو حديث ضعيف لأنه من حديث شريك وهو ابن عبد الله القاضي وهو ضعيف سيئ الحفظ فلا يحتج به إذا انفرد فكيف إذا خالف؟ ولذلك قال الحافظ في بلوغ المرام:

«إن حديث أبي هريرة هذا أقوى من حديث وائل».

وذكر نحوه عبد الحق الاشبيلي فانظر «صفة الصلاة» ص ١٤٧.

ولقد أخطأ ابن القيم في «زاد المعاد» خطأ بينا حين رجح حديث وائل على حديث ابن عمر وأبي هريرة كما أخطأ أخطاء أخرى في هذه المسألة قد قمت بالرد عليه مفصلا في «التعليقات الجياد على زاد المعاد» وغيرها ويحسن بي هنا أن أضرب على ذلك مثلا واحدا لأنه شديد الاتصال بما نحن فيه وبه يتضح معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: « ... فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه».

زعم ابن القيم رحمه الله أن الحديث انقلب على الراوي وأن أصله:

«وليضع ركبتيه قبل يديه» وإنما حمله على هذا زعم آخر له وهو قوله: «إن البعير يضع يديه قبل ركبتيه». قال: «فمقتضى النهي عن البروك كبروك البعير أن يضع المصلي ركبتيه قبل يديه»!

وسبب هذا كله أنه خفي عليه ما ذكره علماء اللغة كالفيروز آبادي وغيره: «أن ركبتي البعير في يديه الأماميتين».

ولذلك قال الطحاوي في «شرح معاني الآثار» ١/ ١٥٠: «إن البعير ركبتاه في

<<  <  ج: ص:  >  >>