قال:«إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير» ويكمل الرسول ويتمم النعمة على أتباعه، ليزيل عنهم بعض الإشكالات التي نسمعها اليوم من أهل البعران، فيقول:«وليضع يديه قبل ركبتيه، هذه الجملة كأنها جواب لسؤال مقدَّر: إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، كأن سائلاً يقول: فكيف نسجد؟ يأتي الجواب: «وليضع يديه قبل ركبتيه» لماذا؟ لأن البعير يمشي على أربع دائما، من يوم يسقط من بطن أمه، فهو يقع على أربع، ويمشي على أربع .. فنقول: إذا برك البعير ما يجوز أن يتوهم أحد -خاصة من هؤلاء العرب من أهل البعران- أن يقول: أول ما يبرك البعير يضع يديه لأن يديه موضوعتان كرجليه.
إذا: ما هو أول شيء يضعه البعير حينما يبرك؟ ركبتاه، أين ركبتا البعير، كمان هذه حزيرة كثير من الناس يفكروا وين ركبتي البعير، في مقدمتيه، وفي اللغة العربية التي منها نحن تعلمنا، وتسمعون منا، وهذه بضاعتنا ردت إلينا -لسان حالكم-. يعني كل ذوات الأربع رُكْبَتُها في مقدمتها، كل ذوات الأربع الهر، الأرنب، الغزال، الغنم ... إلخ ركبها في مقدمتها فإذا قال عليه السلام «لا تبركوا كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه» لأن البعير يضع ركبتيه ما نقول قبل يديه، لماذا؟ لأنهما موضوعتان منذ ولادته، فليخالف إذًا المصلي البعير في طريقة السجود، فلا يتلقى الأرض بركبتيه، فتحصل الرجّة التي سمعتها في هذه الليلة، كما أسمعها في كثير من المساجد، لأن هذا هو شأن البعير.
البعير حينما يبرك -الحقيقة- الأرض الصلبة الصلدة، تسمع لها رجة تحت قدميك لشدة وقوعه على ركبتيه، وبخاصة إذا كان محملا بالأثقال.
فيكون الذي يبرك على ركبتيه متشبه بالبعير، وهذا التَشَبُّه منهي عنه بصورة عامة، وبصورة خاصة، بصورة عامة نهى الشارع الحكيم عن التشبه بالحيوانات: نهى عن بروك كبروك الجمل، وعن التفات كالتفات الثعلب، وعن نقر كنقر الغراب، ثم جاء هنا بصورة خاصة، فقال:«إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه».