وحجته هو: أن الجلوس هنا مطلق فيشمل كل جلوس سواء كان جلوس تشهد أو جلوس دعاءٍ بين السجدتين.
فأجبته: بأن حديث ابن عمر قد جاء بروايتين إحداهما مُطلقة والأخرى مُقيدة ويَصح أن نقول إنها مُبينة فإن اقتنعت بهذا, وإلا فراجع صحيح مسلم.
وها هو الآن قد جاء بصحيح مسلم وهو الذي ترونه بين يدي, والآن نُجري درسا عمليا فيه شيء من الفقه النافع -إن شاء الله- حتى يَتَمرس طلاب العلم على طريقة التطبيق والتوفيق بين النصوص فلا يأتون بعبادة لم تُنقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من السلف الصالح بناء على فهم لنص على إطلاقه أو على عمومه.
ولقد ذكرتُ في جلساتٍ مضت أن أي نص مطلق أو أي نص عام لم يجر العمل عند السلف الصالح بذاك المطلق أو بذاك الجزء من أجزاء النص العام فلا يجوز العمل به احتجاجا بذاك النص الذي لم يجر العمل به.
كنتُ ضربتُ على ذلك مثلا قوله عليه الصلاة والسلام «صلاة الاثنين أزكى من صلاة الرجل وحده وصلاة الثلاثة أزكى من صلاة الرجلين» وهكذا, وبنيتُ على ذلك وضربت على ذلك مثلا:
لو دخل جماعة المسجد لصلاة السنة القَبْلية فتفرقوا كل يصلي لوحده فناداهم مناد -كل يصلي لوحده كما نشاهد اليوم- وهذا من السنة العملية المتوارثة خلفا عن سلف, فنادى منادٍ:«أيها الناس يد الله على الجماعة لا تتفرقوا في صلاتكم, اجتمعوا في صلاتكم يبارك لكم فيها وقال عليه السلام كذا وكذا» ويجيب لك ما قال الحديث المذكور آنفا: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده» فصلوا جماعة, فهل يكونون قد أصابوا السنة أم خالفوها؟
لقد بينتُ أن هذا مخالف السنة وإن كان عموم هذا الحديث يشمل هذه الجزئية منه, ولكن لمَاَّ لم يكن قد حرى العمل من السلف الصالح على هذه الجزئية بنفسها