السنن كلها لأنه ليس فيها سنة يمكن أن يقال:«اتفق على ذكرها كل واصف لصلاته» يعلم ذلك من له عناية خاصة بتتبع السنن وطرقها ولا أدري - والله - كيف ينقل المؤلف هذا الكلام ويمر عليه دون أن يعلق عليه بشيء يدل على ما فيه من الخطأ مما يدل على ارتضائه له وموافقته عليه فانظر ما يلزمه من توهين السنن التي ساقها المؤلف في كتابه فإن وضع اليمين على الشمال مثلا ودعاء التوجه والاستعاذة والتأمين والقراءة والذكر في الركوع والذكر في السجود والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - كل هذه السنن التسع لم يذكرها أبو حميد ومن معه من الصحابة في صفة صلاته - صلى الله عليه وسلم - وكذلك لم يذكرها غيرهم أفيلزم من ذلك رد هذه السنن؟ اللهم لا ولذلك رد الحافظ قول ابن القيم هذا بقوله في «الفتح»:
«فيه نظر فإن السنن المتفق عليها لم يستوعبها كل واحد ممن وصف وإنما أخذ مجموعها من مجموعهم».
وذكر مثله الشوكاني ٢/ ٢٢٦ وهو الحق الذي لا ريب فيه.
قوله:«ومجرد فعله - صلى الله عليه وسلم - لها لا يدل على أنها من سنن الصلاة إلا إذا علم أنه فعلها سنة فيقتدى به فيها. .. ».
قلت: قد علمنا أنه فعلها سنة وتشريعا من وجوه:
الأول: أن الأصل عدم العلة فمن ادعاها فعليه إثباتها.
الثاني: أن أحد رواة هذه السنة مالك بن الحويرث وهو راوي حديث: «صلوا كما رأيتموني أصلي». فحكايته لصفات صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - داخلة تحت الأمر. انظر «الفتح» و «نيل الأوطار».
الثالث: أنه رواها جماعة من الصحابة كما تقدم في حديث أبي حميد ويستحيل عادة أن يخفى عليهم أنه إنما فعلها للحاجة لو كان الأمر كذلك ولو سلمنا بإمكان ذلك عادة فإنه لا يخفى على النبي - صلى الله عليه وسلم - خفاء ذلك عليهم وحينئذ كان ينبههم على ذلك فإذ لم يكن شيء مما ذكرنا فهو دليل واضح على أنه إنما فعلها للعبادة لا