فالأصل إبقاء الشيء على ما هو عليه، واستصحابه إلى آخر أمره ومآله إليه».
فكلام غير صحيح من حيث الدليل؛ لأنه مبني على أن الوضع ثابت في السنة بعد الرفع، وليس كذلك - كما سبق -.
وعليه يعود الأصل الذي ذكره عليه؛ فإنا نقول: إذا كان قد ثبت في السنة الرفع، ثم لم يرد الوضع بعد ذلك؛ فالأصل إبقاء الشيء على ما هو عليه، واستصحابه إلى آخر أمره ومآله إليه. فهذا الأصل يقتضي إبقاء الأصبع مرفوعة إلى آخر التشهد كما لا يخفى. هذا يقال لو لم يأت الحديث مبيناً لذلك؛ فكيف وقد اتفق الأصل والفرع؟ ! وقد وجدت في ذلك حديثاً آخر - وإن كان في صحته نظر؛ فإنه في الشواهد معتبر -، وهو: ما أخرجه الترمذي «٢/ ٢٧٨ - طبع بولاق» من طريق عبد الله بن مَعْدَان: أخبرني عاصم بن كُليب الجَرْمي عن أبيه عن جده قال: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي، وقد وضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض أصابعه، وبسط السبابة؛ وهو يقول:«يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك».
وكذلك رواه أبو يعلى، والبغوي، ومُطَيِّن، والباوَرْدي، والطبري عن ابن معدان به - كما في «الإصابة»«٢/ ١٥٩» -، وقال الترمذي، ثم البغوي:«غريب». ثم قال الحافظ:«رجاله موثقون؛ إلا أن أبا داود قال: عاصم بن كُلَيب عن أبيه عن جده: ليس بشيء».
فهذا الحديث مثل حديث وائل في إثبات استمرار الرفع حتى الدعاء؛ لكنه أخص من حديث وائل؛ فإن هذا يفيد استمرار التحريك أيضاً - كما هو مذهب مالك وغيره -، وهو حجة على الشافعية.
وقول البيهقي «٢/ ١٣٢»:
«يحتمل أن يكون المراد بالتحريك الإشارة بها، لا تكرير تحريكها؛ فيكون موافقاً لرواية ابن الزبير. والله أعلم».