هذه الزيادة من بعض المتقدمين؛ لأنه تفرد بها مالك، ثم جاء الرد الصحيح بأن هذا التفرد ليس صحيحًا بل توبع على هذه الزيادة الإمام مالك من كثير من الثقات، فزيادة: من المسلمين، هي زيادة ثقة على ثقة، أو زيادة ثقات على ثقات، أما هنا في التحريك، ما الذي زاده؟ هو قال: رأيته يحركها، أولئك قالوا: أشار، فالإشارة في اللغة العربية ليس كما لو قال أولئك: لم يحركها، لو قالوا: لم يحركها أو لم يذكروا الإشارة مطلقًا حينذاك يقال: شذ هذا عن أولئك الثقات، لكن أولئك الثقات وافقوا هذا الثقة في رواية الإشارة لكن الإشارة ليست صريحة بالتحريك وإنما هي تحتمل الإشارة هكذا والإشارة هكذا؛ لأنك إذا قلت وقد رأيت رجلًا ينادي الآخر من بعيد، تقول: أشار بيده أو كفه فهذا لا ينافي أنه حرك كفه أو حرك أصابعه، فإذًا: هذا الثقة الذي ذكر كلمة: يحركها، لم يخالف الثقات؛ لأننا لا نستطيع أن نقول: أن أولئك الثقات يعنون أشار إشارة بغير تحريك، لو كان كذلك كنا نقول: إنه حديث شاذ.
يوجد في سنن أبي داود حديث ابن الزبير يروي جلوس النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد وأنه لما جلس رآه يشير بإصبعه ولا يحركها، رواية جامعة مانعة أثبت الإشارة ونفى التحريك، هذا لو كان كذلك الأمر في حديث عاصم بن كليب لكان مثالًا أيضًا جيدًا لكن حديث ابن الزبير هذا في أبي داود هو الشاذ، بل هو المنكر والسبب في ذلك أن هذا الحديث مروي من طريق محمد بن عجلان المدني، عن عامر بن عبد الله ابن الزبير عن أبيه، أنه رأى الرسول عليه السلام، محمد بن عجلان تعلمون أن فيه كلامًا وأن الذي استقر عليه رأي العلماء أنه حسن الحديث، وهنا يأتي الآن أن من كان حديثه حسنًا فحديثه معرض لخلخلة لأدنى مناسبة، وهذا الذي وقع في خصوص هذا الحديث، فالحديث في سنن أبي داود من رواية شخص .. هو محمد بن عجلان ثم جاء رواة ثقات ورووا الحديث عن ابن عجلان بدون: لا يحركها، فقط: رأيته يشير بها ولم يذكر: ولا يحركها، صار هذا الحديث شاذًا بالنسبة للراوي الأول الذي ظننه أنه زياد بن كعب وهو ثقة، فهو شذ عن الجماعة الذين رووا الحديث كلهم عن محمد بن عجلان إلى آخره.