هذا الذي خطر في بالي أن أذكره وما ذكرته هناك، هناك ذكرت شيئاً وهو: أن هذا الحديث حديث وائل بن حجر برواية زائدة بن قدامة «فرأيته يحرك يده بها» لو كان هناك مجال لادعاء ضعف هذا اللفظ من حديث وائل، لكان «الإمام البيهقي» استراح منه، ولم يتكلف ذلك التكلف الذي نشهد نحن بأنه كان في غنىً عنه، لو كان يجد مساراً وسبيلاً في تضعيف حديث وائل بن حجر في هذا اللفظ ماذا فعل؟ لقد أورد هذا الحديث في جملة ما أورد من أحاديث وما يتعلق من تحريك الإصبع والإشارة بالأصبع، قبل أن يُوْرِد حديث عبد الله بن الزبير من طريق الإمام أبي داود في سننه، حيث رواه أبو داود بلفظ فأشار بأصبعه ورأيته لا يُحَرِّكها، فقال البيهقي: والجمع بين حديث وائل الصريح في النفي، وبين حديث .. عفواً بين حديث ابن الزبير الصريح في النفي، وحديث وائل الصريح في الإثبات قال: لعل، هنا عبرتان:
أولاً: أنه ما قال هذا الحديث الذي رواه عن ابن الزبير عليه العمل، أما حديث لا يُحَرّكها فهو شاذ، لو كان كذلك لكان استراح من قضية الجمع، لكنه لم يفعل شيئاً من ذلك، وإنما قال: والعبرة الثانية قوله: لعل المقصود من حديث وائل يعني: يشير بها؛ حتى لا يختلف حديث وائل مع حديث ابن الزبير.
وهذا إمام من أئمة الحديث المتأخرين عن «ابن خزيمة»«وابن حبان» و «ابن الجارود صاحب المنتقى» إلى آخرهم، فما الذي حمله على هذا الجمع؟ هو القاعدة المعروفة بين علماء الحديث -وبخاصة في تعبير ابن حجر في شرح النخبة- أنه إذا جاء حديثان متعارضان من القسم المقبول وجب التوفيق بينهما إذا أمكن، فإذا لم يُمكن صِير إلى اعتبار الناسخ من المنسوخ، فإن لم يُمكن صِير إلى الترجيح أي: الأقوى على القوي وهكذا، فإذا تساووا في القوة حينئذٍ تُرك الأمرُ لعالمه.
فإذاً: البيهقي لسان حاله، وكما يقول العلماء: لسان الحال انطق من لسان المقال، بيقول لك: حديث وائل بن حجر بلفظ «يُحَرِّكها» حديث صحيح.
ولذلك حاول أن يُوَفِّق بين الحديثين، هذا ما كنت ذكرته هناك، فيضاف إلى ما