قال ابن القيم «١٩٧»: «وهذا أحسن من كل ما تقدم، وأحسن منه أن يقال: محمد - صلى الله عليه وسلم - هو من آل إبراهيم، بل هو خير آل إبراهيم؛ كما روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ}[٣: ٣٣].
قال ابن عباس رضي الله عنه: محمد من آل إبراهيم.
وهذا نص؛ إذ أدخل غيره من الأنبياء - الذين هم من ذرية إبراهيم - في آله؛ فدخول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى. فيكون قولنا: «كما صليت على آل إبراهيم». متناولاً للصلاة عليه، وعلى سائر النبيين من ذرية إبراهيم، ثم قد أمرنا الله أن نصلي عليه وعلى آله خصوصاً بقدر ما صلينا عليه مع سائر آل إبراهيم عموماً، وهو فيهم، ويحصل لآله من ذلك ما يليق بهم، ويبقى الباقي كله له - صلى الله عليه وسلم -».
قال:«ولا ريب أن الصلاة الحاصلة لآل إبراهيم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم أكمل من الصلاة الحاصلة له دونهم؛ فيُطلب له من الصلاة هذا الأمرُ العظيم الذي هو أفضل مما لإبراهيم قطعاً.
ويظهر حينئذٍ فائدة التشبيه، وجريه على أصله، وأن المطلوب له من الصلاة بهذا اللفظ أعظم من المطلوب له بغيره؛ فإنه إذا كان المطلوب بالدعاء إنما هو مثل المشبَّه به - وله أوفر نصيب منه -؛ صار له من المشبَّه المطلوبِ أكثر مما لإبراهيم وغيره، وانضاف إلى ذلك مما له من المشبَّه به من الحصة التي لم تحصل لغيره. فظهر بهذا من فضله وشرفه على إبراهيم وعلى كلٍّ مِنْ آله - وفيهم النبيون - ما هو اللائق به، وصارت هذه الصلاة دالةً على هذا التفضيل، وتابعةً له، وهي من موجباته ومقتضياته.
فصلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً، وجزاه عنا أفضل ما جزى نبياً عن أمته.
اللهم! صلِّ على محمد، وعلى آل محمد؛ كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. وبارك على محمد، وعلى آل محمد؛ كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد».