قال ابن مسعود -وهنا الفائدة- قلنا: السلام عليك أيها النبي والنبي بين ظهرانينا أي: وهو حي يعيش بين ظهراني أصحابه، قال ابن مسعود: فلما مات قلنا: السلام على النبي فلما مات عليه الصلاة والسلام قلنا: السلام على النبي.
فقول ابن مسعود في التفريق في السلام على النبي في التشهد إنما هو تفريق بتوقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم - له ولأصحابه، والمقصود بالتوفيق يعني: بإشعار من النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم أن يقولوا في التشهد في السلام عليه بعد وفاته: السلام على النبي، ولذلك استجابة من أصحابه عليه الصلاة والسلام بإيقاف نبي الله إياهم على هذا التشريع الجديد بعد وفاته استجابوا له فصرح ابن مسعود في تشهده هذا أننا قلنا: السلام عليك أيها النبي وهو بين ظهرانينا، فلما مات قلنا: السلام على النبي أي: تركوا كاف الخطاب وانتقلوا إلى لفظة الغيب فقالوا: السلام على النبي.
وقد تناقش بعض العلماء من الشافعية حول قول ابن مسعود هذا: هل هو توقيت من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو باجتهاد من ابن مسعود؟ فقيل وقيل، لكن كان القول الراجح ما ذكره الإمام السبكي من الشافعية أنه قال: إذا صح قول ابن مسعود: فلما مات قلنا: السلام على النبي وجب العدول من لفظة الخطاب: السلام عليك أيها النبي إلى لفظة الغيبة: السلام على النبي، لكن الفرق بين قول السبكي وبين استدراك الحافظ ابن حجر والعسقلاني هو ما يلحظه كل من سمع آنفًا أن هذا الحديث رواه البخاري، فقول السبكي إن صح فتحفظ لا محل له، ولذلك استدرك عليه ذلك الحافظ ابن حجر والعسقلاني فقال: قد صح ذلك كما جاء في رواية البخاري السابقة، فلما مات قلنا: السلام على النبي، فإذًا صح.
وثانيًا: أن ابن مسعود لم يحك ذلك عن نفسه فقط بل حكاه عن الصحابة؛ لأنه قال: كنا نقول وهو - صلى الله عليه وسلم - بين ظهرانينا: السلام عليك أيها النبي .. كنا نقول، ليس كنت أقول، فلما مات قلنا: السلام على النبي.
ثم أيد الحافظ ابن حجر رحمه الله هذا البيان الشافي من التفريق بين ما روى البخاري بلفظ: فلما مات قلنا. .. أيد هذه الرواية برواية الأخرى عزاها لمصنف