الكريم؛ لأن هذا القيد الذي ذكرته آنفًا وهو: اتباع أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما فهموه، وفيما تلقوه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو مما أمر به القرآن الكريم، فكلنا يقرأ فيه قول الله تبارك وتعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء: ١١٥] فقوله تبارك وتعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِين}[النساء: ١١٥] هذه الجملة لها معنى إضافي على الجملة التي قبلها والتي عليها حذفت الجملة التي بعدها حيث قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} لم يقل ربنا عز وجل، ولو أنه قال ذلك لكفى لكنه أراد أن ينبه المسلمين إلى هذه النكتة التي سبق أن ذكرتها وهي اتباع أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام فقال:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِين}[النساء: ١١٥] لم يقل: «ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى» إلى آخر الآية، وإنما جاء بجملة إضافية على الجملة الأولى كما ذكرت آنفًا وهي:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِين}[النساء: ١١٥].
فإذًا: اتباع سبيل المؤمنين أمر ضروري جدًا، وأساس من أسس الدعوة الإسلامية الحقة التي لا يكون مخالفها على هدًى من ربه تبارك وتعالى، وقد شرح الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذه الجملة:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِين}[النساء: ١١٥] وبينها؛ لأن المقصود ابتداء إنما هم أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث تفرق المسلمين كما تفرقت اليهود والنصارى، لقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قلنا: من يا رسول الله؟ قال: هي الجماعة» لم يقل في هذه الرواية هي: كتاب وسنة رسول الله؛ لأن هذا مفهوم من عديد من الآيات والأحاديث، كمثل قوله تبارك وتعالى:«فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا»[النساء: ٥٩] ..