الناحية الحديثية هي: أن قول الصحابي في أيّ عبادة من العبادات الشرعية، السنة كذا، يكون هذا التعبير في حكم الحديث المرفوع، هكذا ذَكَرُوا في علم مصطلح الحديث.
إذا قال الصحابي: السنة كذا، فهو في حكم المرفوع.
أما إذا قال ذلك التابعيُّ فَمَن دونه، فليس له حكم المرفوع.
والقائل هنا:«إنما سنة الصلاة .. » إلى آخره، هو كما سمعتم عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
فإذاً: هذا النص يُفِيد أن القاعدة في المصلي إذا جلس، يشمل هذا الجلوس في التشهد الأول، يشمل الجلوس في التشهد الثاني، سواء في سلام أو ما في سلام، ويشمل التشهد الأخير الذي فيه سلام، يشمل الجلوس بين السجدتين، إلا إذا جاء هناك نص آخر يُبَيِّن في هذا النص أنه مسألة أخرى لا تدخل في هذا النص العام.
وهنا يأتي دور الحديث الثاني، وهو: حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه حيث كان جالساً في زمرة من أصحاب النَّبي، في عشرة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهم:«ألا أُصلي لكم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -»، قالوا: لست بأعلم منا بصلاته، قال: بلى، فقالوا: فاعرض.
فبدأ يصلي الصلاة التي رآها من النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فلما كان في التشهد الأول افترش كما هو في حديث ابن عمر، ولما كان في التشهد الأخير الذي قبل السلام تَوَرَّك، نصب اليُمنى وأدخل رجله اليسرى تحت ساقه اليمنى، وجلس على فخذه.
وقال في آخر حديثه: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي. فقالوا له: صدقت. هكذا كانت صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
إذاً: هذا الحديث حديث أبي حميد، فيه موافقة لعموم حديث ابن عمر من جهة، وذلك ما يتعلق بالتَشَهُّد الوسط، وفيه ما أقول مخالفة، فيه تقييد أو تخصيص لعموم